أفريقيادوليسياسة
أخر الأخبار

أوروبا.. تراجع مواقفها من الصحراء المغربية: مفاوضات جديدة مع الرباط تعيد صياغة شراكة المتوسط

أعلنت المفوضية الأوروبية موافقتها الرسمية على مقترح يروم إطلاق مفاوضات جديدة مع المملكة المغربية بشأن اتفاقية الصيد البحري، وفق ما أفاد به المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الصيد والمحيطات، كوستاس كاديس، أمس الثلاثاء خلال عرضه أمام اللجان البرلمانية المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الإسبانيين المعنيين بشؤون الاتحاد الأوروبي.

المسؤول الأوروبي أكد أن المقترح سيُعرض قريبًا على حكومات الدول الأعضاء السبع والعشرين قصد الحصول على تفويض رسمي للشروع في المباحثات مع الرباط، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تمثل تطورًا لافتًا بعد مرحلة من الجمود التي أعقبت قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإبطال اتفاقيتي الشراكة التجارية والصيد البحري بدعوى عدم انسجامهما مع الوضع القانوني للصحراء المغربية.

وأوضح كاديس أنه عقد اجتماعًا تنسيقيًا مع وزير الفلاحة والصيد والتغذية الإسباني لويس بلاناس، قبيل الجلسة البرلمانية، حيث تم التباحث حول تفاصيل التفويض الجديد والرهانات المرتبطة به، خصوصًا في ظل النقاش الأوروبي الداخلي حول التحركات المغربية الأخيرة في مجال التعاون البحري مع روسيا.

ويُعد اتفاق الصيد البحري من أبرز أعمدة التعاون الاقتصادي بين الرباط وبروكسيل، إذ مكّن لعقود أساطيل أوروبية، خاصة الإسبانية منها المنطلقة من الأندلس وغاليسيا وجزر الكناري، من استغلال الموارد البحرية المغربية وفق بروتوكولات متجددة.

غير أن تطبيق الاتفاق توقّف منذ يوليوز 2023 بعد انتهاء آخر بروتوكول كان يسمح لـ138 سفينة أوروبية، بينها 92 إسبانية، بممارسة نشاطها في المياه المغربية.

ويأتي هذا التحرك الأوروبي الجديد في سياق متقاطع مع تعزيز الشراكة الفلاحية بين الجانبين، بعد توقيع اتفاق تبادل الرسائل المعدلة في بروكسيل مطلع أكتوبر المنصرم، بحضور السفير المغربي لدى الاتحاد الأوروبي أحمد رضى الشامي، وهو الاتفاق الذي يكرّس استفادة المنتجات الفلاحية القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة من نفس الامتيازات التفضيلية الممنوحة لبقية مناطق البلاد، مع إدخال تعديلات تقنية تتعلق بالتوسيم والتسويق وفق المعايير الأوروبية.

الاتفاق الفلاحي المعدل، الذي ينتظر استكمال المساطر القانونية لدخوله حيز التنفيذ، اعتُبر مؤشرًا على متانة الشراكة المغربية الأوروبية وتوجهها نحو تكريس البعد الشمولي في التعاون الاقتصادي، خاصة في القطاعات الحيوية كالفلاحة والصيد والطاقة، بما ينعكس إيجابًا على مناصب الشغل والناتج الداخلي الخام بالمناطق الجنوبية.

ويرى مراقبون أن إعلان المفوضية الأوروبية إطلاق مفاوضات جديدة مع المغرب لا ينفصل عن المتغيرات الدبلوماسية الأخيرة التي تشهدها قضية الصحراء، خصوصًا بعد القرار 2797 الصادر مؤخرًا عن مجلس الأمن الدولي، والذي جدد تأكيده على وجاهة مقترح الحكم الذاتي كحلّ وحيد وواقعي للنزاع، ودعا إلى نهج مقاربة براغماتية تراعي استقرار المنطقة وتنميتها.

هذا التوجه الأوروبي يعكس، بحسب خبراء، تحوّلًا تدريجيًا نحو الاعتراف بالواقع السياسي والميداني في الصحراء المغربية، وهو ما يتجلى في إدماج منتجاتها ضمن منظومة التجارة الأوروبية وفي السعي لتوقيع اتفاق صيد بحري جديد يتماشى مع التطورات القانونية والاقتصادية الراهنة، في إشارة إلى رغبة بروكسيل في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع الرباط، التي باتت شريكًا محوريًا في الأمن الطاقي والغذائي والهجرة ومكافحة الإرهاب.

ومع اقتراب مرحلة التفاوض، يراهن الجانبان على إعادة بناء الثقة وتجاوز إرث القرارات القضائية السابقة، عبر مقاربة تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، في أفق بلورة اتفاق جديد يضمن استدامة الموارد البحرية ويؤطر التعاون وفق أسس قانونية واقتصادية أكثر توازنًا.

بهذا المسار، يبدو أن العلاقات المغربية الأوروبية تتجه نحو ترسيخ نموذج جديد من الشراكة الواقعية، يعيد صياغة علاقة الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط على قاعدة المنفعة المتبادلة، في زمن تتغير فيه خرائط التحالفات وتعيد أوروبا حساباتها في الجنوب المتوسطي.

https://anbaaexpress.ma/kbou4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى