فجّر حزب “Vox” اليميني المتطرف جدلاً سياسياً حاداً داخل مجلس الشيوخ الإسباني، بعد تقدّمه بمقترح يدعو إلى حظر الاحتفال بعيد الأضحى في البلاد، واعتباره “طقساً أجنبياً لا يمتّ للثقافة الإسبانية بصلة”.
المقترح الذي قدّمه النائب فرناندو كاربونيي أمام لجنة الثقافة، جاء تحت شعار “الدفاع عن الهوية الوطنية”، غير أنه قوبل برفض واسع من مختلف التكتلات البرلمانية، بما فيها الحزب الشعبي المحافظ، حليف “Vox” في عدد من الحكومات المحلية.
الحزب الشعبي رفض الانخراط في ما وصفه بالطرح الإقصائي، مؤكداً أن الدفاع عن التقاليد الإسبانية لا ينبغي أن يتم عبر مواجهة ثقافات أخرى أو المساس بحرية المعتقد الديني التي يكفلها الدستور. كما شدّد ممثلوه على أن التعايش الثقافي والديني ركيزة أساسية في بناء إسبانيا الحديثة.
من جهته، ردّ الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم بلهجة حادة، واصفاً مقترح “Vox” بأنه “من أكثر المبادرات المخزية” التي شهدتها اللجنة البرلمانية، مؤكداً أن عيد الأضحى يُمارس في البلاد ضمن الإطار القانوني، ويجسّد جزءاً من التنوع الثقافي الإسباني الغني بتداخلاته الإسلامية والمسيحية واليهودية. كما اتهم الحزب الاشتراكي اليمين المتطرف بمحاولة تغذية الخطابات العنصرية التي تهدّد قيم التعايش الاجتماعي.
تاريخياً، لم تكن هذه المحاولة الأولى لـ“Vox ” في استهداف الشعائر الإسلامية. ففي عام 2023، لجأ الحزب إلى القضاء بمدينة سبتة ذات الغالبية المسلمة للطعن في قرار المجلس المحلي باعتبار عيد الأضحى عطلة رسمية، غير أن المحكمة الإدارية العليا في الأندلس رفضت الطعن، مؤكدة أن القرار يعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للمدينة.
وخلال صيف 2024، امتد الجدل إلى منطقة مورسيا، حيث أقرّ تحالف بين الحزب الشعبي و“فوكس” قراراً يمنع إقامة صلاة العيد واحتفالات نهاية رمضان في الساحات العامة، ما أثار موجة استنكار واسعة من الجمعيات المدنية والمنظمات الحقوقية، التي حذّرت من تنامي نزعة تمييزية تهدد إحدى المكونات الأساسية للنسيج الإسباني المتعدّد.
بهذا، يجد الخطاب اليميني نفسه في مواجهة ليس فقط مع التيارات التقدمية، بل مع جوهر الدولة الإسبانية نفسها، التي صاغ دستورها الحديث على مبادئ التعددية واحترام حرية المعتقد، في بلدٍ ظلّ عبر قرون ملتقىً للديانات والثقافات قبل أن تحاول بعض القوى السياسية اليوم إغلاق نوافذه باسم “النقاء الثقافي”.




