آراء
أخر الأخبار

نهارٌ يشبه الندم

زاهر الأسعد – فلسطين

يصعد من شقوق الجدار كأنه ندمٌ متأخر

يتسلل على أطراف الأصابع

ويضع نوره على الجرح كملحٍ قديم

النَهار

كل نقطة ضوءٍ فيه

تحمل صرخةً كانت نائمة في أسفل الروح

وكل نسمةٍ

تجر خلفها قافلةً من الوجوه التي نسيتها

وأصواتًا كانت تسكنني

ثم غادرت دون أن تودّع

لا يأتي كما يظن العابرون

نورًا

بل مرآةٌ تجبرني على النظر في عينيّ

وفي كل نظرةٍ

أجدني أقف على أطلال نفسي

كمن يحفر قبرًا في ذاكرته

في زاويةٍ صغيرةٍ مضيئةٍ

من نفسي

يجلس صمتٌ يشبه الفجر المتردد

يرتّل أسماء الأشياء التي فقدتها

ويكتبها على جلدي

بحبرٍ من نورٍ وغبار

أتذكر نهارًا

كانت فيه المرآة تبكي

والكوب المكسور يردّد أسماء الراحلين

والصورة تسقط في كل مرةٍ

كأنها تأبى أن تكون شاهدًا على ما كان

وفي كل نهارٍ

أجلس مع نفسي كأننا غريبان في محطةٍ نسيها القطار

نتحاشى النظر في عيون الوقت

ونرتّل ما تبقّى من أدعية الوجد

قلبي؟

يسجد في كل نهارٍ

لألمٍ لا يريد أن يُشفى

ويكتب على جلده نقوشًا تشبه الأسرار

كل نقشٍ فيه

حكايةٌ لفقدٍ لم يُقال

وكل فقدٍ

يحتفظ بصوتٍ لا يُسمع إلا في صمت القدّاس الداخلي

وفي الضياء

تتسلل الأصوات من نقطةٍ في الجدار

تشبه نفسًا قديماً

كأنه جاء ليذكّرني

بأنني كنت أحلم

وأن الحلم لم يكن كافيًا لإنقاذي

أحيانًا

أريد أن أكتب للنهار رسالةً

أقول فيها

كن رحيماً

فإنني تعبت من تفسير الوجع

ولكن النهار يجيد التغافل

يرسل شمسه كطيورٍ تغني للغياب

وتحرس أسرار المنفلتين من أنفسهم

وأنا

أرتّب نفسي في نصٍّ لا ينتهي

كل سطرٍ فيه

يحمل وجهًا

وصوتًا

وصمتًا

وألمًا

وأنا

https://anbaaexpress.ma/to1vu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى