في تحذير يحمل رسائل أمنية وسياسية واضحة، أكد نيكولاس ليرنر، رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، أن مستوى التهديد الإرهابي لا يزال “مرتفعاً للغاية” وأن العالم يشهد “طفرة جديدة” في النشاط الجهادي تعيد رسم خريطة المخاطر.
وفي حوار مع صحيفة لوفيغارو، شدد ليرنر على أن التعاون مع المغرب بات ركناً أساسياً في حماية الأمن الأوروبي، واصفاً الأجهزة المغربية بأنها “شريك قيّم وضروري” في مواجهة التنظيمات المتطرفة.
وتأتي هذه الإشادة في ظل تزايد المخاوف الأوروبية من عودة نشاط الجماعات الإرهابية في مناطق عدة، خصوصاً مع حاجتها إلى تنسيق استخباراتي متقدم مع دول الجنوب، وفي مقدمتها المغرب الذي رسخ مكانته كنموذج إقليمي في محاربة التطرف عبر مقاربة تجمع بين الاستباق الأمني والإصلاح الديني والتنمية الاجتماعية.
ولفت ليرنر إلى أن طبيعة التهديدات تتغير باستمرار، إذ تتجه التنظيمات إلى إعادة التموضع في مسارح خارج أوروبا—من سوريا وأفغانستان–باكستان وصولاً إلى إفريقيا—من أجل بناء ملاذات قادرة على إنتاج شبكات هجومية جديدة. وأوضح أن الخطر المباشر تراجع من حيث العمليات الكبرى، لكنه تعزز داخلياً عبر نمطين: “التهديد المفعّل” مثل فرع داعش–خراسان، و“الملهم” الذي يمثله أفراد يتشبعون بالدعاية المتطرفة دون ارتباط تنظيمي.
ورغم تراجع قوة القاعدة وداعش مركزياً، يرى ليرنر أن الفروع المحلية ازدادت استقلالية، خصوصاً في الساحل الإفريقي بعد انسحاب القوات الفرنسية، ما سمح للتنظيمات باستعادة نشاطها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. كما أشار إلى انتقال مقاتلين مغاربيين ناطقين بالفرنسية إلى جبهات جديدة مثل الصومال، في مؤشر على تنامي الطابع العابر للحدود للتهديد الجهادي.
وتأتي تصريحات رئيس الاستخبارات الفرنسية في لحظة حساسة تسبق الانتخابات الأوروبية وترتفع فيها مستويات التأهب الأمني، ما يجعل رسالته بمثابة تأكيد فرنسي رسمي على مركزية الدور المغربي ودعوة لمزيد من التنسيق الإقليمي لمواجهة أخطار متحولة لا تعترف بالحدود.




