أفريقياثقافة
أخر الأخبار

تيزنيت.. تؤكد ريادتها الثقافية والرقمية في ختام منتدى “تيزنيت تانامورت 2025”

إبراهيم فاضل

اختُتمت فعاليات الدورة السادسة عشرة من منتدى “تيزنيت تانامورت”، الذي احتضنه فضاء المحطة الطرقية بمدينة تيزنيت على مدى أربعة أيام من 29 أكتوبر إلى فاتح نونبر 2025، تحت شعار: “الديناميات الثقافية والإبداعية كفرص، والرقمنة كمحرّك لتحقيق التنمية والتميز السياحي للمدينة”.

هذه الدورة شكّلت محطة استثنائية في مسار المنتدى، الذي أضحى موعدًا سنويًا قارًا في الأجندة الثقافية للمدينة، ومجالًا رحبًا لتلاقي الفكر والإبداع والابتكار في قلب “عاصمة الفضة”.

شهد فضاء العروض بالمحطة الطرقية خلال هذه الأيام الأربع حركية ثقافية وسياحية لافتة، حيث توافد المئات من الزوار من ساكنة المدينة وضيوفها لاكتشاف مختلف أجنحة المنتدى، التي عرضت مشاريع ثقافية وسياحية ورقمية وفنية، ضمن رؤية جماعية تروم تعزيز موقع تيزنيت كوجهة حضرية متميزة تجمع بين الأصالة والانفتاح.

وحظيت فعاليات المنتدى بزيارة خاصة مساء الجمعة من طرف عامل إقليم تيزنيت، مرفوقًا بـرئيس جماعة تيزنيت السيد عبد الله غازي، وعدد من الشخصيات المنتخبة والثقافية والإعلامية، الذين جابوا مختلف أروقة المعرض ووقفوا على دينامية الفاعلين المحليين الشباب ومشاريعهم المبتكرة، مشيدين بجودة التنظيم وتنوع فقرات البرنامج ومضامينه الفكرية والعملية.

المنتدى، الذي نظمته جماعة تيزنيت بشراكة مع عدد من المؤسسات الوطنية والدولية، تميّز ببرنامج علمي وثقافي غني، توزّع بين جلسات فكرية وورشات تفاعلية وفضاءات عرض للفنون والمهن التراثية والإبداعات المحلية، إلى جانب لقاءات مفتوحة جمعت باحثين وفنانين وخبراء في مجالات الثقافة والسياحة والتحول الرقمي.

في اليوم الأول، افتُتحت فعاليات المنتدى بجلسة تأطيرية بعنوان “الثقافة والإبداع وسؤال التنمية” تحت شعار “الديناميات الثقافية والإبداعية كفرص والرقمنة كمحرّك لتحقيق التنمية والتميز السياحي للمدينة”، شارك فيها كل من الدكتور عمر حلي، رئيس جامعة سابق والمستشار لدى منظمة الإيسيسكو، والفنانة لطيفة أحرار، المديرة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، إلى جانب المبدع أمين أحجوجي عضو مؤسسة البلاند.

وشدّدت المداخلات على أن الشباب والثقافة ليست ترفًا، بل رافعة أساسية للتنمية المحلية ومحركًا للإبداع المواطني الذي يمنح المدينة روحها التفاعلية والإنسانية.

كما عرف المنتدى تنظيم ثلاث جلسات محورية “بانيلات” شكلت العمود الفقري للبرنامج العلمي:

“البانيل” الأول، حول “الثقافة كحق ورافعة للتنمية”، شارك فيه كل من الأستاذ إبراهيم المزند والدكتور أنير بويعقوبي، حيث أبرز المتدخلان أهمية دمج الثقافة في السياسات العمومية المحلية، وتثمين التراث المادي واللامادي لتيزنيت كقاعدة للتنمية المستدامة، مؤكدين أن الثقافة ليست حكرًا على النخب، بل شراكة مجتمعية وطوعية بين الفاعلين والمؤسسات والمواطنين، وأنها ليست ترفًا بل قوة ناعمة ومحرك أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

“البانيل” الثاني، المنظم تحت عنوان “دور التنشيط الثقافي والفني في تطوير المنتوج السياحي الحضري”.

ناقش المشاركون سبل إدماج الفنون في تنمية السياحة الحضرية وجعلها عنصر جذب واستدامة اقتصادية.

وأكد السيد ياسر شهمات، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بإقليم تيزنيت، أن برنامج تنمية السياحة بتيزنيت يرتكز على ثلاث ركائز: Mer – Montagne – Médina، وأن الرقمنة أصبحت أداة مركزية لتطوير القطاع.

أما السيد نور الدين بورشيش، المدير الجهوي للسياحة، فشدد على أن الثقافة عنصر جوهري في الاستراتيجية الوطنية للسياحة، فيما أبرز الخبير حسن بوطيب أن تيزنيت رائدة في تثمين الموروث الثقافي وتحويله إلى قيمة اقتصادية دون تسليع الثقافة، مشيدًا بدعم الجماعة والمجتمع المدني للمشاريع الثقافية والسياحية المندمجة.

“البانيل” الثالث تناول موضوع “الرقمنة كمحرّك للتطور في مجالي الثقافة والسياحة”.

طرح المشاركون رؤية مستقبلية للتحول الرقمي بمدينة تيزنيت من خلال مبادرات مثل مشروع Tiznit Innov 2030 والمنصة المواطِنة vox212.ma.

وأوضح الدكتور طارق أقديم أن الرقمنة ليست فقط أداة تقنية بل رؤية اقتصادية وتنموية جديدة، داعيًا إلى تكوين كفاءات محلية في هذا المجال.

وقدّم السيد أيوب المرابطين مشروع Tiznit Innov 2030، المرتكز على خمسة محاور: رقمنة التراث، سياحة 4.0، الحوكمة الرقمية، تنمية الكفاءات المحلية، والتسويق الترابي، مع إطلاق المنصة المواطِنة كفضاء للتعبير والمشاركة.

واختتم الخبير عبد الصمد الحيان بالتأكيد على أن الثقافة اليوم صناعة قادرة على خلق الثروة، وأن نجاح أي مشروع تنموي رهين بفهم خصوصيات الساكنة وتكوين الكفاءات القادرة على تدبير الفضاءات الثقافية والسياحية.

إلى جانب الجانب الفكري والعلمي، تخللت الفعاليات عروض فنية متميزة أبدع فيها فنانون شباب من المعهد الموسيقي الكوريغرافي والمراكز السوسيوثقافية بالمدينة، قدموا لوحات موسيقية واستعراضات تعبيرية تمجد قيم الانتماء والإبداع والتنوع الثقافي.

كما كان جمهور تيزنيت على موعد مع لحظات تذوق فني وتراثي داخل فضاءات الحرف اليدوية والمطعمة الجمعوية، التي استعرضت ما تزخر به المدينة من غنى في المطبخ المحلي والموروث الحرفي الأصيل.

وعرف المنتدى أيضًا مشاركة مؤسسات وجمعيات ومقاولات ناشئة قدمت مشاريع مبتكرة في مجالات الثقافة والرقمنة والسياحة الذكية، ضمن جناح خاص بـ“المشاريع التنافسية”، إلى جانب أجنحة خاصة بالجمعيات الثقافية والمبادرات الشبابية والإصدارات الأدبية والخريطة الثقافية والسياحية للمدينة.

وفي بعد دولي لافت، تميزت هذه الدورة بشراكة نوعية بين جماعة تيزنيت ومؤسسة Le Printemps Numérique الكندية، من خلال جلسة رقمية عن بُعد ناقشت موضوع الابتكار الثقافي والتكنولوجي، في خطوة تُكرّس انفتاح المدينة على التجارب الدولية في مجالات التحول الرقمي والتعاون الثقافي العالمي.

وفي ختام المنتدى، أجمع المشاركون على أن الثقافة والسياحة والرقمنة تشكل مثلث التنمية بمدينة تيزنيت، داعين إلى تحويل توصيات المنتدى إلى مشاريع عملية تُترجم على أرض الواقع عبر شراكات مؤسساتية ومجتمعية.

كما أوصوا بتقوية تكوين الكفاءات المحلية في مجالات التسيير الثقافي والرقمي، وتشجيع المقاولات الناشئة الشبابية في الإبداع السياحي والثقافي.

وأكدت الجماعة الترابية لتيزنيت، في كلمتها الختامية، أن المنتدى أثبت مجددًا أن المدينة قادرة على الجمع بين التراث والابتكار، وبين الماضي والمستقبل، لتصبح نموذجًا وطنيًا في التنمية الثقافية المستدامة.

كما وجهت شكرها لكافة الشركاء والمشاركين والإعلاميين الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة التي رسخت صورة تيزنيت كـ وجهة رائدة للسياحة الثقافية والرقمية بالمغرب.

https://anbaaexpress.ma/syzwk

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى