كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريح جديد لموقع “Just The News”، عن قرب إصدار قرار رسمي يقضي بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، مؤكداً أن الوثائق القانونية اللازمة “في مراحلها الأخيرة” وأن الإعلان المرتقب سيتم ـ وفق تعبيره ـ “بأشد العبارات الممكنة”.
ويمثل هذا التوجه أحد أكثر القرارات حساسية في الشرق الأوسط، بالنظر إلى الدور الجدلي للجماعة وشبكاتها العابرة للحدود، ومحاولات واشنطن الحثيثة منذ سنوات لدراسة التصنيف، دون الوصول إلى خطوة تنفيذية نهائية.
ويعيد تصريح ترامب النقاش إلى نقطة متقدمة، في ظل تزايد الضغوط السياسية والفكرية داخل الأوساط المحافظة الأمريكية المطالِبة بحسم الملف.
ويأتي الإعلان بعد أيام قليلة من نشر الموقع نفسه تحقيقاً مطوّلاً حول تمدد تنظيم الإخوان في الخارج، وما وصِف بقلق متنامٍ داخل فريق ترامب بشأن نشاط الجماعة في السياقين الأمريكي والأوروبي.
وتُشير مصادر الموقع إلى أن هذا الملف كان مطروحاً بالفعل خلال الولاية الأولى لترامب لكنه لم يُستكمل لأسباب إجرائية وسياسية.
وتزامناً مع ذلك، صعّد عدد من المسؤولين الجمهوريين خطابهم تجاه الإخوان. فقد أعلن حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، تصنيف الجماعة ـ إلى جانب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) ـ “منظمة إرهابية أجنبية” و”شبكة إجرامية عابرة للحدود”، في خطوة رمزية تُعزز مناخ الضغط على إدارة واشنطن الفيدرالية.
وتتراكم خلال الفترة الأخيرة تقارير إعلامية واستخباراتية في الاتجاه نفسه. فقد نشرت صحيفة “ذا فري برس” خلال الصيف تحقيقاً اعتمد على وثيقة سرية من وزارة الداخلية الفرنسية، خلصت إلى أن استراتيجية الإخوان تستند إلى “التغلغل الهادئ داخل المؤسسات الأوروبية والمجتمع المدني تحت غطاء الأنشطة الدينية والتعليمية”، بهدف ترسيخ هيمنة أيديولوجية طويلة المدى.
كما أصدر مركز “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” ـ أحد أبرز مراكز التفكير المحافظة في واشنطن ـ تقريراً موسعاً في أكتوبر الماضي بعنوان “التطرف الصبور: وجوه الإخوان المتعددة”، دعا فيه إلى إعادة صياغة المقاربة الأمريكية تجاه التنظيم، معتبراً أن “التأخر في التعامل مع البُعد العالمي للجماعة منحها هامشاً واسعاً للانتشار وتوسيع شبكاتها”.
وأشار التقرير إلى أن الإخوان يمثلون “بوابة فكرية وتنظيمية” تتجه عبرها شرائح من الأعضاء نحو جماعات أكثر تشدداً، أو تنخرط في مسارات عنيفة بشكل فردي.
وتدعم المؤسسة هذا الطرح بوثيقة بحثية حديثة تتبعت التمويل والبنية القيادية للتنظيم في ست دول شرق أوسطية، في محاولة لتحديد الفروع التي تستحق تصنيفاً رسمياً كمنظمات إرهابية بموجب القوانين الأمريكية.
يعكس هذا الحراك الأمريكي ـ السياسي والفكري ـ مسارين متوازيين وفق مراقبين الأول هو رغبة إدارة ترامب في تقديم تعهد ملموس لقاعدتها الانتخابية المحافظة، والثاني هو استثمار المناخ الدولي المتشدد تجاه التنظيمات العابرة للحدود..
غير أنّ قراراً بهذا الحجم ستكون له تبعات دبلوماسية واسعة، لاسيما مع دول ترتبط فيها جماعة الإخوان بمسارات سياسية محلية معقدة.
كما يثير التوجه تساؤلات حول مدى استعداد المؤسسات الأمريكية للتعامل مع شبكة واسعة من الفروع والواجهات المرتبطة بالجماعة في العالم، بعضها يعمل في النطاق القانوني البحت، وبعضها الآخر يمتلك صلات فكرية فقط دون ارتباط تنظيمي مباشر.
ومع اقتراب إصدار الوثائق النهائية، يبدو أن إدارة ترامب تتحرك بخطاب أكثر حزماً، لكن الطريق نحو التطبيق العملي سيظل مرهوناً بتقدير الأجهزة القانونية والاستخباراتية، وبمدى قدرة واشنطن على إدارة ارتدادات محتملة في الشرق الأوسط وأوروبا، حيث يتقاطع حضور الإخوان مع ملفات الهجرة، الاندماج، والأمن الداخلي.




