أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب مباحثاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في باريس، عن تأسيس لجنة مشتركة لدعم مسار إقامة الدولة الفلسطينية، في خطوة تؤكد رغبة فرنسا في استعادة زمام المبادرة السياسية بعد اعترافها بدولة فلسطين إلى جانب دول أوروبية أخرى قبل أشهر.
وأكد ماكرون أن اللجنة ستتكلف بمتابعة صياغة دستور فلسطيني جديد واستكمال الشروط المؤسسية اللازمة لقيام الدولة، ما يشير إلى رغبة باريس في الانتقال من الدعم الرمزي إلى خطوات عملية أكثر تماسكاً على المستوى السياسي والمؤسساتي.
وفي سياق الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، أعلن ماكرون تخصيص 100 مليون يورو كمساعدات للعام 2025، داعياً إلى ضمان وصول الإغاثة بشكل آمن تحت إشراف الأمم المتحدة، مع التشديد على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي.
وحذّر الرئيس الفرنسي من أي محاولة إسرائيلية لضم الضفة الغربية، معتبراً إياها تجاوزاً لـ”خط أحمر”، مؤكداً أن فرنسا سترد بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين إذا أقدمت تل أبيب على خطوات أحادية نحو الضم.
ويأتي التحذير الفرنسي في ظل تصاعد الاستيطان الإسرائيلي وعنف المستوطنين، وعمليات التهجير التي تشهدها الضفة الغربية، في وقت يرى فيه الفلسطينيون أن هذه الممارسات تسعى لتصفية ما تبقى من إمكانية تطبيق حل الدولتين، الذي تستند إليه القرارات الأممية.
ويظهر موقف باريس حسب محللين ، محاولة لاستعادة دور تقليدي في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد سنوات من تراجع التأثير الأوروبي أمام الحضور الأميركي.
كما أن تشكيل لجنة مشتركة خطوة تتجاوز رمزية الاعتراف بدولة فلسطين نحو محاولة بناء أرضية مؤسسية لتلك الدولة، ولو على مستوى الإسناد الفني والسياسي.
وفي المقابل، يبقى نجاح هذه المبادرة مرتبطاً بالتحولات الميدانية في غزة والضفة، إضافة إلى موقف إسرائيل التي تنتهج سياسة توسعية، ما يجعل التوجه الأوروبي نحو الضغط الدبلوماسي مرشحاً للصدام مع حكومة تل أبيب.
كما يعكس إعلان ماكرون رغبة فرنسا في التموضع كوسيط “أكثر استقلالية”، خاصة في ظل انتقادات أوروبية متزايدة للسياسة الأميركية المنحازة بالكامل لإسرائيل.




