سيداتي بيدا
في لحظة تُؤرخ لتحول بنيوي في مسار التحول الرقمي بالمغرب، أعلنت شركات الاتصالات الوطنية الثلاث اتصالات المغرب، وأورنج، وإنوي عن الإطلاق الرسمي لخدمات شبكة الجيل الخامس (5G)، ابتداءً من يوم الجمعة، فاتحةً بذلك صفحة جديدة في سجل التقدم التكنولوجي للمملكة، وممهدة الطريق نحو اقتصاد رقمي أكثر تنافسية واستدامة.
تشكل هذه الخطوة منعطفًا استراتيجيًا في المشهد الاتصالي الوطني، إذ تتيح تقنية الجيل الخامس سرعة اتصال تتجاوز 2 جيغابايت في الثانية، مع زمن استجابة بالغ الانخفاض، ما يجعلها البنية التحتية المثالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والمدن الذكية، والصناعات المتصلة.
إنها ليست مجرد قفزة في مجال الاتصال، بل تحول نوعي في مفهوم الإنتاج، والمعرفة، والخدمات.
ويأتي هذا الإطلاق في سياق رؤية وطنية طموحة تهدف إلى جعل الرقمنة رافعة أساسية للنمو، منسجمةً مع الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي تضع الإنسان، والابتكار، والمواطنة الرقمية في صميمها.
فبفضل هذه التقنية، ستغدو الخدمات العمومية أيسر نفاذًا، وستتعزز كفاءة المؤسسات، وستتسارع وتيرة البحث العلمي في ميادين الطب، والتعليم، والبيئة، والطاقة.
في مرحلتها الأولى، ستغطي شبكة الجيل الخامس كبريات المدن المغربية مثل الرباط، الدار البيضاء، مراكش، طنجة، وأكادير، على أن يتم التوسّع تدريجيًا لتشمل باقي الجهات، وفق مخطط مدروس يوازن بين متطلبات التنمية الترابية والتقدم التكنولوجي.
كما سيستفيد المواطنون الذين يمتلكون هواتف وبطاقات SIM متوافقة من الانتقال التلقائي إلى الشبكة الجديدة، دون الحاجة إلى أي إجراءات إضافية.
ولم تكتفِ الشركات المشغلة بإطلاق التقنية فحسب، بل قدّمت عروضًا رقمية مبتكرة تراعي حاجات مختلف الفئات، وتفتح آفاقًا جديدة أمام المقاولات الناشئة والمبدعين الشباب في مجال المحتوى الرقمي والتطبيقات الذكية. فشبكة الجيل الخامس ليست مجرد وسيلة اتصال أسرع، بل هي منصة للتعبير، والإبداع، والاستثمار في المستقبل.
بهذه الخطوة، يثبت المغرب مجددًا قدرته على مواكبة التحولات العالمية في زمن تسوده المعرفة والتكنولوجيا.
فـ 5G ليست مجرد رقم جديد في مسار التطور التقني، بل رمز لإرادة وطنية تؤمن بأن الريادة تبدأ من الإيمان بالعلم، وتنضج بالابتكار، وتتحقق بالعمل الجماعي نحو مغرب متصل بالعالم، ومتفاعل مع المستقبل.
تعليق واحد