تسابق الأمم المتحدة الزمن للدخول إلى مدينة الفاشر في إقليم دارفور، وسط تحذيرات أممية ودولية من مجاعة متفاقمة وتقارير متصاعدة عن انتهاكات واسعة النطاق أعقبت سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة بعد حصار طويل.
وتؤكد منظمات إنسانية، بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تأخر الوصول يمثل “خسارة يومية” في إنقاذ السكان وتقييم الكارثة على الأرض.
ورغم خطورة الوضع الإنساني، لا يتجاوز التمويل المخصص لمساعدات شمال دارفور ربع الاحتياجات العاجلة، فيما تتهم قوات الدعم السريع الجيش السوداني باستهداف قافلة إغاثية كانت متجهة إلى الفاشر، مطالبة بتحقيق دولي يزيد المشهد تعقيدًا. أما الجيش فيواجه انتقادات بسبب عراقيل بيروقراطية تحد من وصول المساعدات.
توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، وصف الفاشر بأنها “مسرح جريمة” محتمل، مشيرًا إلى تقارير عن إعدامات واحتجاز واغتصاب ممنهج.
وقال إن الأمم المتحدة تحتاج إلى ممر آمن لدخول فرقها ولخروج الناجين، معتبراً أن المحادثات مع قوات الدعم السريع “شديدة الحساسية”، لكنه يأمل في تحقيق تقدم خلال أسابيع.
وتبحث المحكمة الجنائية الدولية في أدلة بشأن عمليات قتل واغتصاب جماعي، بينما لا يزال مصير آلاف المدنيين داخل المدينة غير واضح، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 100 ألف فرّوا منها، لكن القليل فقط وصلوا إلى بلدة طويلة التي تستضيف نحو نصف مليون نازح.
وروى فليتشر أن الطريق الممتد 350 كيلومترًا من طويلة إلى الحدود التشادية “شديد الخطورة”، إذ يمر عبر 30 إلى 40 نقطة تفتيش، ما يجعل النزوح شبه مستحيل لمن يفتقرون إلى الموارد. وشدد على أن أي عملية إغاثة تعتمد على التزام الدعم السريع بتأمين ممرات آمنة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
كما كشف عن لقائه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في بورتسودان لضمان وصول كامل للمساعدات، بعد اتهامات سابقة للجيش بوضع عراقيل إدارية أمام العمل الإنساني.
الأزمة في الفاشر وفق محللين يعكس تحولًا بالغ الخطورة في خارطة الحرب السودانية، إذ تجمع بين مجاعة وشيكة، وانهيار أمني، وانتهاكات قد ترقى لجرائم حرب.
سيطرة الدعم السريع على معظم دارفور وضعت الأمم المتحدة أمام معادلة حساسة، الحاجة للتفاوض مع قوة متهمة بفظائع لضمان دخول المساعدات.
وفي المقابل، يستخدم الجيش النفوذ الإداري كورقة ضغط. المشهد اليوم يعمّق عزلة المدنيين، ويجعل فتح ممرات آمنة بات شرطًا وجوديًا، وليس فقط إنسانيًا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.




