كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن توجّه سعودي واضح وصارم مفاده أن المملكة لن تمضي في مسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل ما دام بينامين نتنياهو على رأس السلطة، في موقف يعكس تزايد قلق الرياض من تركيبة الحكومة الحالية وتأثيرها على فرص السلام.
وتُعد هذه الرسالة إشارة مباشرة إلى أن ملف التطبيع لا يقتصر على تبادل بروتوكولات رسمية بل مرتبط بمتغيرات سياسية داخلية في تل أبيب.
وتعزو الصحيفة موقف الرياض إلى تقييم مفاده أن شخصية نتنياهو وتحالفاته الحكومية تشكلان عائقًا أمام توافق عربي–إسرائيلي قادر على ضمان مسار واضح نحو حل للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، خصوصًا في ظل تشدد مواقف بعض مكونات الائتلاف تجاه قضايا الحل السياسي ونزع الاستيطان.
وبحسب التغطية، لا يستبعد أن تكون الرسالة جزءًا من استراتيجية ضغط على إسرائيل لتعديل سياساتها، بما يسهّل استئناف أو إنقاذ مساعي التطبيع التي تدعمها واشنطن.
والنتيجة المباشرة لهذا الموقف أن أي تقدم في ملف التطبيع بات مرهونًا بتغيير في القيادة أو تبدّل ملموس في الموقف الإسرائيلي. فالمملكة، التي تحتل موقعًا مؤثراً في العالم الإسلامي والإقليمي، تؤكد أنها لا تقبل معاملات فردية تُهمّش القضية الفلسطينية، وتركّز على ضرورة أن تكون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية مدخلاً لسلام أوسع في المنطقة.
وفي مقال تحليلي للصحفي عاموس شوكين في “هآرتس”، ورد أن مسؤولين سعوديين أبلغوا بأن استمرار نتنياهو يعني عملاً عمليًا لعدم تحقيق تقدم في التقارب. وأضاف الكاتب أن العلاقات بين نتنياهو وقادة دول عربية سبق وأن أبرمت معها اتفاقات سلام، مثل مصر والأردن، ليست على ما يرام، وأن السعوديين يشترطون مسارًا واضحًا لإقامة دولة فلسطينية كحالة مسبقة لأي خطوة تطبيعية.
وتتعرض تصريحات الصحيفة لانتقادات لاذعة من زاوية انتقاد سياسة الاحتلال والاستيطان، حيث ربط شوكين بين منع إقامة دولة فلسطينية والحفاظ على سيطرة إسرائيلية على أراضٍ محددة، مشيرًا إلى أن ذلك يتقاطع مع قرارات دولية وأطر قانونية أعيد تداولها مؤخرًا في المحافل الدولية. كما انتقد الكاتب الاستخدام الخاطئ لتبريرات أمنية تروج لفكرة أن قيام دولة فلسطينية سيؤدي إلى تهديد أمني، معتبراً أن التهويل ينسف حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
ويذكر أن إطار الدعم الدولي لتوسيع «اتفاقات أبراهام» يقوده بشكل بارز الجانب الأميركي، لكن الرسالة السعودية تظهر أن واشنطن ليست وحدها في تحديد إيقاع التطبيع؛ فالرياض تحتفظ بخيارات مؤثرة قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات في المنطقة إذا رأت أن الشروط الجوهرية غير متوافرة.
على الصعيد العمومي، يشدد المعلقون على أن أي خطوة تطبيعية دون مراعاة طموحات الفلسطينيين لن تكون مستقرة أو مستدامة، وأن قبول المملكة بمبدأ أن القضية الفلسطينية «مفتاح» لأي تسوية إقليمية يجعل من موقفها عاملًا حاسماً في مستقبل محاولات توسيع دائرة التطبيع.
كما يلفت المراقبون إلى أن مسألة من يحكم إسرائيل ليست مجرد شأن داخلي؛ فاختيارات القيادة الإسرائيلية اليوم لها انعكاسات جيوسياسية واضحة في عواصم عربية وإسلامية وعالمية على حد سواء.




