في إنجاز عربي غير مسبوق، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم فوز العالم العربي الدكتور عمر ياغي، المولود في الأردن والمنحدر من أصول فلسطينية، بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، مناصفة مع الياباني سوسومو كيتاغاوا والبريطاني ريتشارد روبسون، تقديراً لإسهامهم العلمي الكبير في تطوير الأطر المعدنية العضوية (MOFs)، أحد أعظم الابتكارات في علم الكيمياء الحديثة.
وأكدت لجنة نوبل في بيانها أن إنجاز العلماء الثلاثة “قد منح الكيمياء أدوات جديدة تفتح آفاقاً لحلول مبتكرة أمام تحديات كبرى تواجه البشرية”، موضحة أن تطبيقات هذه الأطر أحدثت تحولاً نوعياً في مجالات تخزين الغازات وتنقية المياه وتحسين كفاءة الطاقة، وهي محاور علمية ذات أهمية بيئية واقتصادية قصوى في القرن الحادي والعشرين.
ويُعتبر عمر ياغي من الأسماء اللامعة في الأوساط الأكاديمية الدولية، إذ يحمل الجنسية السعودية منذ عام 2021 بموجب قرار ملكي ضمن برنامج المملكة لاستقطاب الكفاءات العالمية في إطار رؤية السعودية 2030، كما يحمل الجنسيتين الأردنية والأمريكية.
وقد حاز هذا التكريم اعترافاً بجهوده العلمية التي جمعت بين الإبداع الأكاديمي والانتماء المتعدد، في نموذج يجسّد العقل العربي العابر للحدود.
ولد ياغي في الأردن عام 1965 لعائلة فلسطينية، وواصل دراسته في الولايات المتحدة، حيث كرّس مسيرته البحثية لتطوير مواد ذكية قادرة على احتجاز ثاني أكسيد الكربون وإنتاج المياه من الهواء، ما جعله من أبرز علماء الكيمياء في العالم.
وقد أدرج اسمه ضمن أكثر العلماء تأثيراً في القرن الحالي، بفضل منهجيته التي تمزج بين الخيال العلمي والصرامة التجريبية.

ويأتي هذا التتويج ليكرّس حضور العقل العربي في المحافل العلمية الكبرى، إذ تُعد جائزة نوبل في الكيمياء من أرفع الجوائز العالمية، حيث يحصل الفائزون على مكافأة مالية قدرها 11 مليون كرونة سويدية (نحو 1.2 مليون دولار) وشهادة تقدير وميدالية ذهبية تُسلّم في احتفال رسمي يقام في ستوكهولم في ديسمبر المقبل.
وتُعتبر جائزة هذا العام ثالث إعلان من سلسلة جوائز نوبل 2025 بعد الطب والفيزياء، وتواصل بذلك تقليداً علمياً عريقاً بدأ منذ عام 1901 وفقاً لوصية مخترع الديناميت ألفريد نوبل، الذي أراد تخليد اسم العلماء الذين يقدّمون للبشرية نفعاً دائماً.
ويأتي فوز ياغي ورفيقيه امتداداً لمسار من الاكتشافات التي غيّرت مسار العلم، من الانشطار النووي إلى فك شيفرة الحمض النووي، وصولاً إلى الجيل الحديث من الأبحاث القائمة على الذكاء الاصطناعي.
فقد كانت جائزة العام الماضي 2024 قد منحت للأمريكيين ديفيد بيكر وجون جمبر والبريطاني ديميس هاسابيس لتطويرهم تقنيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهم بنية البروتينات وتصميمها، ما أحدث ثورة في الطب وتطوير الأدوية.
أما هذا العام، فإن نوبل الكيمياء تُعيد الاعتبار إلى البحث المخبري الكلاسيكي حين يمتزج بالخيال العلمي والعقل المبدع، وتقدّم عمر ياغي نموذجاً لعالم عربي استطاع أن يحوّل شغفه بالمادة إلى فلسفة علمية قادرة على تحويل الهواء والماء إلى طاقة ومعرفة.
بهذا التتويج، يسجّل ياغي اسمه في سجل العلماء الذين لم يكتفوا بتفسير المادة، بل أعادوا صياغة علاقتها بالحياة، مؤكدًا أن العلم حين يحمل بصمة عربية، يصبح إنسانيًا أكثر من أي وقت مضى.





تعليق واحد