تتجه مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى بلورة بروتوكول جديد مع المغرب في مجال الصيد البحري، بعد أن أبطلت محكمة العدل الأوروبية العام الماضي الاتفاق السابق.
وتؤكد تسريبات إعلامية إسبانية أن الصيغة المرتقبة ستأخذ بعين الاعتبار الموقف الحازم للمملكة بشأن وحدتها الترابية، إذ تنص على اعتبار المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية ذات منشأ مغربي خالص، على أن تتولى السلطات المغربية وحدها إصدار الشهادات الرسمية.
هذه الخطوة تحمل في طياتها إقرارا أوروبيا بالسيادة الفعلية للمغرب على الصحراء، وتنسجم مع مواقف متنامية داخل القارة تؤيد مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل.
غير أن التكتل يجد نفسه أمام معادلة دقيقة.. الامتثال للأحكام القضائية من جهة، والحفاظ على مصالحه التجارية والاقتصادية مع شريكه الاستراتيجي الأبرز جنوب المتوسط من جهة ثانية.
وكان إلغاء الاتفاقية السابقة قد وضع نحو 120 سفينة أوروبية في حالة بطالة، وأثار مخاوف من اضطراب تموين الأسواق بالمنتجات المغربية، بما يترتب عنه ارتفاع في الأسعار وتضرر المستهلك الأوروبي.
هذا الوضع دفع عدة دول، بينها إسبانيا، إلى الضغط من أجل إيجاد صيغة قانونية جديدة تضمن استمرارية التعاون، في وقت أبدت فيه قوى دولية منافسة مثل روسيا استعدادها للدخول على خط الشراكات البحرية مع الرباط.
المغرب من جانبه شدد على أن أي تفاوض لا يشمل كامل مجاله البحري مرفوض جملة وتفصيلا، مؤكدا أن الصحراء جزء لا يتجزأ من سيادته الوطنية.
هذا الموقف الحازم يضع بروكسل أمام ضرورة التكيف مع الثوابت المغربية إذا أرادت الحفاظ على شراكة استراتيجية تعود بالنفع المتبادل، خاصة في ظل مكانة المملكة كشريك مميز للاتحاد منذ اتفاقية 2000 والشراكة الأورو-مغربية من أجل الازدهار المشترك الموقعة في 2019.
يتضح أن الاتحاد الأوروبي، رغم تعقيدات المسار القضائي، لا يرغب في خسارة المغرب كشريك حيوي في ملفات الطاقة والهجرة والأمن الغذائي.
وفي المقابل، يستثمر المغرب أوراقه الجيوسياسية والاقتصادية لفرض معادلة واضحة.. لا تعاون خارج إطار الاعتراف بسيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
هذه البراغماتية المتبادلة تجعل من أي بروتوكول جديد أكثر من مجرد اتفاق تقني للصيد، بل اختبارا سياسيا لمتانة الشراكة بين الرباط وبروكسل.