وجه ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة، المدعو سيدي محمد عمار، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الروسي فاسيلي نيبينزيا، في محاولة متوترة للرد على مشروع القرار الأمريكي الجديد بشأن بعثة المينورسو، والذي يؤكد مجددًا على الحل السياسي الواقعي والمستدام تحت السيادة المغربية.
الرسالة، التي كُتبت بنبرة انفعالية حادة، حملت اتهامات مباشرة للولايات المتحدة بـ”الانحراف عن مبادئ القانون الدولي”، في خطوةٍ تُعد تحديًا صريحًا لحاملة القلم داخل المجلس ولأعضائه الداعمين لمقاربة الحل السياسي الواقعي.
إنها رسالة تكشف ارتباك الجبهة أمام التحول الحاسم داخل مجلس الأمن، بعد أن فقدت أي دعم حقيقي خارج المظلة الجزائرية.
ما بات واضحًا اليوم هو أن مشروع القرار الأمريكي الجديد يعزز الموقف المغربي بشكلٍ لا رجعة فيه، إذ يُكرّس مقاربة الحل السياسي القائم على التفاوض دون شروط مسبقة، ويُسقط نهائيًا مصطلحات “الاستفتاء” و”تصفية الاستعمار” التي تتمسك بها مليشيا البوليساريو رغم تجاوزها الأممي.
وكما أشرنا في مقالنا السابق بعنوان “قرار حاسم من مجلس الأمن يلوح في الأفق.. المغرب يقلب الموازين ويصنع التحول الإقليمي“، فإن القرار الأممي المرتقب لن يكون تقنيًا أو روتينيًا، بل سيحمل اعترافًا سياسيًا متجددًا بالدور المغربي المحوري في استقرار المنطقة، وبأن مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي الوحيد المنسجم مع القانون الدولي وروح ميثاق الأمم المتحدة.
وبذلك، تجد البوليساريو نفسها في مواجهة مفتوحة ليس فقط مع واشنطن، بل مع الأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس الأمن الذين يدعمون خيار الحكم الذاتي باعتباره الحل الجاد والواقعي الوحيد.
إن ما سُمّي “رسالة إلى رئيس مجلس الأمن” ليس سوى بيان عجزٍ سياسي ودبلوماسي من تنظيمٍ فقد شرعيته على الساحة الدولية، وأصبح يهاجم قرارات الأمم المتحدة نفسها حين لا تخدم أجندته.
فالجبهة، المصنفة ضمن خانة المليشيات المسلحة التي يقودها مجرم حربٍ متورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، هدّدت في لهجة متوترة بعدم المشاركة في أي مفاوضات مستقبلية إن تم اعتماد القرار بصيغته الحالية، ما يعكس تحديًا سافرًا للمنظومة الأممية وللدول الكبرى.
وفي المقابل، يواصل المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية بفضل سياسة الوضوح والنجاعة الدبلوماسية، في وقتٍ أصبحت فيه الدول المؤثرة – من الولايات المتحدة إلى فرنسا وإسبانيا، مرورًا بدول إفريقيا والعالم العربي – تنظر إلى مبادرة الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة لأي تسوية واقعية ودائمة.
إن الرسالة الانفعالية التي وجهتها مليشيا البوليساريو ليست سوى إقرار غير مباشر بأن معركة الصحراء المغربية قد حُسمت سياسيًا وقانونيًا ودبلوماسيًا. وما تبقّى ليس سوى ضجيجٍ سياسيٍ من أطرافٍ فقدت زمام المبادرة.
لقد انتهى زمن الادعاءات الكاذبة، وأصبح المجتمع الدولي يتعامل مع الصحراء المغربية كحقيقةٍ راسخة لا رجعة فيها، ومع المملكة المغربية كقوةٍ إقليميةٍ وركيزةٍ للاستقرار وصناعة الحلول.
الصحراء مغربية، والمغرب في صحرائه.. ومليشيا البوليساريو تواجه العالم بعد أن فقدت البوصلة.





تعليق واحد