سياسةمجتمع
أخر الأخبار

العدل والإحسان تدعم مطالب الشباب دون الانخراط في “حراك جيل Z”.. وتستعرض عضلاتها في المسيرة التضامنية مع فلسطين

في خضم التفاعلات الاجتماعية المتصاعدة التي تشهدها الساحة المغربية منذ نهاية شهر شتنبر، أصدرت جماعة العدل والإحسان بياناً الثالث من نوعه أعلنت فيه دعمها لمطالب الشباب المغربي المتعلقة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية، داعيةً إلى “التعقّل” و”الاحتكام إلى السلمية”، لكنها في المقابل امتنعت عن الانخراط المباشر في الحراك الشبابي المعروف باسم “جيل Z”، الذي انطلق عبر منصّات التواصل الاجتماعي ويتميّز بغياب القيادة والتنظيم المركزي.

دعم للمطالب.. دون مشاركة ميدانية

أكدت الجماعة في بلاغها أن “مطالب الشباب مشروعة وتعكس معاناة حقيقية في قطاعات التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية”، لكنها شددت على أن “التغيير ينبغي أن يتم بالحكمة والتدرّج”، ما يعني عملياً تبنّي خطاب المساندة الرمزية دون انخراط تنظيمي فعلي.

ويرى متابعون أن هذا الموقف يدخل ضمن استراتيجية الحذر التي دأبت الجماعة على اعتمادها في فترات التوتر السياسي، تفادياً لأي مواجهة مباشرة مع السلطات أو انزلاق نحو سيناريو يصعب التحكم فيه.

جماعة تراقب.. وتنتظر

مصادر مطلعة تشير إلى أن قيادة الجماعة تتابع بحذر تطوّر حركة “جيل Z” دون أن تبادر إلى تأطيرها أو الانضمام إليها، لكونها لا تملك مفاتيحها التنظيمية ولا لغتها الخطابية.

فمنذ انطلاق الحراك، فضّلت الجماعة الوقوف في موقع “المتفرّج المتعاطف”، على أن تحدد موقفها النهائي في ضوء مدى استمرارية هذا الزخم الشبابي.

ويرجّح مراقبون أنه إذا تواصلت الاحتجاجات لفترة طويلة وأخذت شكلاً أكثر تنظيماً، فإن الجماعة قد تحاول التقاطع أو التسلّل التدريجي إلى هذا الفضاء الاجتماعي الجديد، في إطار ما يُعرف باستراتيجية “الاختراق الهادئ” التي تعتمدها في الحركات الاجتماعية منذ الثمانينيات، بهدف كسب قاعدة جديدة وتأطير الغضب الشعبي في قوالبها الفكرية والدعوية.

تخوف من “السطو اليساري” على الحراك

من جهة أخرى، أبدت الجماعة قلقاً من محاولات اليسار الراديكالي الاستفادة من موجة الاحتجاجات وتوجيهها نحو خطاب سياسي صدامي.

هذا المعطى، بحسب محللين، هو أحد أسباب صمت العدل والإحسان النسبي، إذ تسعى إلى تجنّب أن تظهر كطرف ينافس على قيادة الشارع في لحظة كانت مفتوحة على كل الاحتمالات قبل ان تهدأ الأوضاع.

استثمار في القضية الفلسطينية كمنصة موازية

في المقابل، اختارت الجماعة أن تُظهر حضورها القوي عبر ملف فلسطين، الذي تدعي بانه جزءا من هويتها التعبوية والتاريخية.

فخلال المسيرة الضخمة التي نُظمت الأحد الماضي بالعاصمة الرباط تضامناً مع الشعب الفلسطيني، كان حضور أتباع الجماعة هو الأكثر عدداً وتنظيماً بين باقي المكوّنات المشاركة.

هذا الحشد، وفق مراقبين، كان رسالة مزدوجة: دعم للقضية الفلسطينية من جهة، واستعراض لقدرة الجماعة على التعبئة الميدانية من جهة أخرى، في وقت تحرص فيه على الابتعاد عن ساحات الاحتجاج ذات الطابع الداخلي.

بين الموقف الدعوي والرهان السياسي

يمكن القول إن العدل والإحسان، في هذه المرحلة، تجمع بين الانخراط الرمزي والحياد التكتيكي: فهي تؤيد المطالب الاجتماعية للشباب وتدين السياسات العمومية التي أدت إلى تفاقم الاحتقان، لكنها ترفض الانخراط المباشر في حركة لا تسيطر على مفاصلها ولا تتقاطع تماماً مع خطابها الإسلامي المؤطر بل وكأنها حركة ذات توجه علماني.

ومع ذلك، تبقى إمكانية تدخلها لاحقاً قائمة، خاصة إذا تطور الحراك إلى تيار ذي عمق اجتماعي مستمر، وهو ما قد يدفعها إلى محاولة “احتوائه” وإعادة تأطيره ضمن رؤيتها الخاصة.

جماعة العدل والإحسان اليوم تستغل الزخم الفلسطيني لتأكيد وجودها التنظيمي، وتراقب في الوقت ذاته حراك “جيل Z” من بعيد.

هي تراهن على الزمن وعلى التعب والإرباك داخل باقي الفاعلين – من يسار راديكالي أو تيارات مدنية ناشئة – كما تترقب رد فعل الدولة لتظهر في لحظة مواتية كلاعب بديل يمتلك التنظيم والانضباط

https://anbaaexpress.ma/iaw71

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى