آراءسياسة
أخر الأخبار

الخطاب الملكي.. رسالة إنذارية أربكت ممثلي الأمة وأعلنت بداية زمن المحاسبة

رشيد قنجاع

تابعت بدهشة تصرفات البرلمانيين والمستشارين عقب انتهاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الخريفية لهذه السنة، والذي جاء في سياق وطني خاص جدًا، تميز باحتجاجات جيل جديد من أبناء هذا الوطن المعطاء.

عشرات الفيديوهات التي توثّق حالة الشرود والتيه كشفت عن ملامح غير مألوفة لممثلي الأمة؛ فقد غابت البسمة، واندثرت العفوية والارتياح، وحضر مكانها سلوك الحذر والابتعاد عن الأضواء والكاميرات، وتجنّب أسئلة الصحفيين.

حتى التعليق على مضامين الخطاب الملكي تم الالتفاف عليه أو التهرّب منه، فيما غابت كذلك شهية الأكل وشرب العصير والقهوة التي كانت في العادة من طقوس هذا الحدث السنوي.

لا يمكن فهم هذا التخبط وهذه السلوكيات إلا من باب واحد، وهو الأثر النفسي والسياسي الذي خلّفته احتجاجات جيل “Z”، الذي وجّه سهام مطالبه نحو الفساد والتغول، ونحو فشل الحكومة والبرلمان في تحقيق الدولة الاجتماعية المنشودة، القائمة على تعليم جيد، وصحة في مستوى التقدّم والتكنولوجيا، وفرص شغل تضمن الكرامة، وأجرٍ أدنى معقول ومستحق.

خرج البرلمانيون والمستشارون من قاعة الخطاب، وأنا على يقين أن الرسالة الملكية وصلتهم بلغة إنذارية واضحة لا تليها إلا المحاسبة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وما قد يترتب عن ذلك من مآلات لا يعلمها إلا القانون وفصوله.

إن الصيغة الهادئة التي طُبِع بها الخطاب، وما تحمله من رسائل ضمنية، تؤكد أن كل هدوء يسبق عاصفة.

لقد كانت رسالة ملكٍ فضّل ألا يُربك الوضع السياسي، لكنه مهّد بوضوح لمرحلة جديدة تفرض إجراءات مسطرية وتنظيمية دقيقة تتناسب مع حجم التحديات المقبلة، التي أشار إليها جلالته ضمن رزمة المشاريع الكبرى المنتظرة.

جلالة الملك يعلم تمام العلم أن أحزابنا وتنظيماتنا السياسية تعاني ضعفًا بنيويًا في التأطير والتواصل، وأن فشلها الذاتي أنتج جماعات محلية عاجزة، كانت الشرارة الأولى لاندلاع الاحتجاجات في مدن مثل بني ملال وأكادير..

ورغم ذلك، حمّلها جلالته مسؤوليتها التاريخية بكل وضوح: إما أن تكون، أو لا تكون.

* كاتب رأي 

https://anbaaexpress.ma/odf4a

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى