كشفت القاهرة عن ملامح الخطة الجديدة لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، عبر تشكيل لجنة انتقالية تضم 15 خبيراً فلسطينياً من التكنوقراط، تمت الموافقة على أسمائهم من قبل إسرائيل وجميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس، وفق ما أكده وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في تصريحات خاصة لوكالة “أسوشيتد برس”.
وأوضح عبدالعاطي أن هؤلاء الخبراء سيُكلفون بإدارة الشؤون اليومية لسكان غزة، بإشراف مجلس سلام مقترح، من المقرر أن يترأسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف الإشراف على إعادة الإعمار وضمان تدفق التمويل الدولي للقطاع.
وأكد الوزير المصري أن الخطة تمثل “خطوة عملية نحو تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الحياة الطبيعية”، مشدداً على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية.
كما دعا حركة حماس إلى الالتزام الكامل بتعهداتها ضمن التفاهمات التي أرست أسس الهدنة الأخيرة.
من جانب آخر، نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن ثلاثة مصادر مطلعة أن لقاءً سرياً غير مسبوق جمع مبعوثي الرئيس ترامب بقيادات من حركة حماس الأسبوع الماضي، كان وراء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن ممثلي حماس رحبوا بخطة ترامب لإدارة مرحلة ما بعد الحرب، وأكدوا قبولهم بلجنة إدارة مدنية فلسطينية تتولى تسيير شؤون القطاع، دون أن يكون للحركة دور مباشر في الحكم خلال الفترة الانتقالية.
وأضاف عبدالعاطي أن مصر وتركيا لعبتا دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الأطراف، مشيراً إلى مكالمة حاسمة جرت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي، قال فيها أردوغان: “لا تغادر شرم الشيخ قبل الاتفاق”. وردّ ترامب: “لن نغادر حتى يظهر الدخان الأبيض”.
وبحسب الوزير المصري، فإن الخطة الأمريكية-المصرية تتضمن لاحقاً نشر قوات دولية لحفظ السلام في غزة، بعد الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي، لتأمين المناطق المنسحبة منها إسرائيل وضمان سلامة المدنيين.
وقد بدأت المرحلة الأولى من الاتفاق فعلياً بانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من عدة مناطق داخل القطاع، ما سمح بعودة مئات الآلاف من النازحين إلى منازلهم، بينما تستعد منظمات الإغاثة الدولية لإدخال كميات ضخمة من المساعدات بعد أشهر من الحصار.
وفي تطور موازٍ، وافقت إسرائيل على إعادة فتح معبر رفح مع مصر والسماح بعبور المساعدات، عقب تسليم رفات أربعة رهائن، فيما تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في نوفمبر المقبل، وسط تقديرات البنك الدولي بأن تكلفة إعادة البناء قد تتجاوز 53 مليار دولار.
وتبقى الملفات الأثقل مثل نزع سلاح حماس ومستقبل الحكم في غزة ومدى الانسحاب الإسرائيلي الكامل مطروحة للنقاش خلال المراحل القادمة، في وقت تبدو فيه واشنطن والقاهرة أمام اختبار صعب لترجمة هذا التفاهم إلى سلامٍ دائم يطوي صفحة الحرب الأكثر دموية في تاريخ القطاع.