أثارت تصريحات وزيرة النقل والمواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية في تل أبيب، بعد كشفها عن اقتراح غير مسبوق تقدمت به خلال اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينت”، يقضي بحرق جثمان قائد حركة حماس السابق في غزة، يحيى السنوار، الذي قضى نحبه خلال الحرب الأخيرة على القطاع.
وقالت ريغيف، في مقابلة مع إذاعة “كول براما” الإسرائيلية ذات التوجهات الدينية المتشددة، إنها طرحت داخل “الكابينت” فكرة حرق جثة السنوار على غرار ما فعلته الولايات المتحدة، على حدّ قولها، مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، معتبرة أن شخصيات معينة “لا تستحق إعادة الدفن”.
وأضافت الوزيرة: “لم يتفاعل الوزراء مع اقتراحي، لكني أعتقد أن هناك رموزاً في الشرق الأوسط لا ينبغي أن تعود إلى الأرض كي تُدفن”. إلا أن تصريحاتها أثارت موجة انتقادات بسبب عدم دقتها، إذ إن واشنطن لم تحرق جثة بن لادن عام 2011 كما ذكرت، بل قامت بإلقائها في البحر بعد مقتله في عملية خاصة داخل الأراضي الباكستانية.
ويأتي حديث ريغيف في وقت يواصل فيه الملف المتعلق بجثتي يحيى السنوار وشقيقه محمد السنوار، القائد العسكري البارز في كتائب القسام، إثارة خلافات حادة داخل إسرائيل.
إذ نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر أمنية إسرائيلية تأكيدها أن الحكومة لا تعتزم تسليم جثماني القائدين ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية ومصرية وأُعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفقاً للمصدر ذاته، فإن جثتي السنوارين ستبقيان بحوزة السلطات الإسرائيلية، ولن تُدرجا ضمن أي اتفاق تبادل، رغم مطالبة حركة حماس خلال مفاوضات شرم الشيخ الأخيرة بإعادتهما إلى غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن مقتل يحيى السنوار في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، خلال عملية نفذتها قوة خاصة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذكرت التقارير أن التعرف على جثمانه تم عبر تحليل الحمض النووي وسجلات الأسنان، قبل أن يُعلن رسمياً مقتله بصفته المطلوب الأول لإسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر.
ويرى مراقبون أن تصريحات ريغيف، المعروفة بخطابها الشعبوي، تعكس تصاعد النزعة الانتقامية في الخطاب السياسي الإسرائيلي تجاه قادة حركة حماس بعد عامين من الحرب، في حين يواصل ملف جثث القادة الفلسطينيين المتحفظ عليها لدى إسرائيل تشكيل ورقة ضغط حساسة في أي مفاوضات تبادل قادمة.
ويؤكد هذا الموقف الإسرائيلي المتشدد استمرار توظيف الجانب الإنساني كأداة سياسية، وسط تصاعد الجدل حول المعايير الأخلاقية والقانونية في التعامل مع رفات قادة الفصائل الفلسطينية الذين قضوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية، وبينهم السنوار الذي يبقى، حتى بعد مقتله، رمزاً معقداً في معادلة الصراع المفتوحة بين تل أبيب وغزة.




