الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

مصر تتصدر مشهد ما بعد الحرب.. قمة شرم الشيخ تضع أسس إعادة إعمار غزة وتثبيت الاستقرار الإقليمي

يمكن اعتبار مؤتمر القاهرة المقبل بمثابة اختبار لقدرة النظام الدولي على الانتقال من إدارة الصراع إلى إدارة السلام..

في خطوة تعيد القاهرة إلى قلب المعادلة الإقليمية، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن استضافة مصر مؤتمراً دولياً لإعادة الإعمار والتنمية في قطاع غزة خلال شهر نوفمبر المقبل، مؤكداً أن التحضيرات ستنطلق خلال الأيام القادمة لوضع أسس مشتركة لمرحلة ما بعد الحرب.

السيسي أوضح أن مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة سيشكل منصة محورية لتنسيق جهود الدول والمنظمات الدولية من أجل إعادة بناء القطاع المدمّر، مشدداً على أن استقرار غزة يمثل مدخلاً ضرورياً لاستقرار المنطقة بأكملها.

جاء ذلك خلال اجتماع رفيع المستوى قبيل انطلاق قمة شرم الشيخ للسلام، حضره عدد من أبرز القادة الدوليين، من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والملك الأردني عبد الله الثاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب المستشار الألماني، ورؤساء حكومات كل من إيطاليا، والمملكة المتحدة، وكندا، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وبحسب بيان الرئاسة المصرية، فقد هدف الاجتماع إلى تنسيق الجهود الدولية لتنفيذ اتفاق وقف الحرب في غزة، مع التركيز على إعادة الإعمار وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة، في ظل حجم الدمار الهائل الذي خلفته العمليات العسكرية الأخيرة.

السيسي دعا الدول الأوروبية إلى الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في ضمان الالتزام بوقف الحرب، معتبراً أن استمرار التهدئة ونجاح عملية إعادة الإعمار لن يتحققا إلا بتكاتف المجتمع الدولي ودعم الأطراف العربية الفاعلة.

كما كشف الرئيس المصري أن القاهرة وعمّان بدأتا تدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية ضمن برنامج أمني مشترك يهدف إلى تمكين الأجهزة المحلية من فرض الأمن والنظام في غزة، داعياً الدول الأوروبية إلى دعم هذا المسار لضمان بناء مؤسسات أمنية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة بفعالية واستقلالية.

القمة، التي حملت عنوان “قمة السلام حول غزة”، عُقدت برئاسة مشتركة بين الرئيسين السيسي ودونالد ترامب، وجمعت أكثر من واحد وثلاثين قائداً وممثلاً عن منظمات إقليمية ودولية، في محاولة لإرساء خريطة طريق سياسية واقتصادية جديدة بعد الحرب.

ووفق البيان الختامي، وقعت الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر وثيقة شاملة تضمنت مبادئ الاتفاق بين “إسرائيل” وحركة حماس، تستهدف تثبيت وقف الحرب وإطلاق مسار سياسي طويل الأمد لإعادة إعمار غزة وتحقيق الاستقرار الدائم.

المراقبون يرون أن التحرك المصري يعكس عودة قوية للدبلوماسية المصرية إلى مركز الفعل الإقليمي، خاصة في ظل التوازن الذي تحاول القاهرة ترسيخه بين دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على قنوات التواصل مع القوى الدولية المؤثرة.

فمصر، التي ظلت على مدى العقود الماضية وسيطاً أساسياً في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تسعى اليوم لتثبيت موقعها كضامن رئيسي لمرحلة إعادة البناء، في وقت تتسابق فيه العواصم الإقليمية على رسم ملامح ما بعد الحرب.

وفي قراءة تحليلية، يمكن اعتبار مؤتمر القاهرة المقبل بمثابة اختبار لقدرة النظام الدولي على الانتقال من إدارة الصراع إلى إدارة السلام.

فإعادة الإعمار لا تقتصر على البناء المادي للبنية التحتية المدمرة، بل تشمل إعادة ترميم الثقة بين الأطراف، وصياغة نموذج جديد للحكم في القطاع يوازن بين متطلبات الأمن وحقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

كما يعكس الاجتماع الثلاثي بين السيسي وأردوغان وتميم بن حمد حضوراً متزايداً لمحور المصالحة الإقليمي في صياغة توازنات جديدة داخل المنطقة، حيث تبدو تركيا وقطر شريكتين في دعم عملية الإعمار، مقابل دور مصري في ضبط إيقاع المرحلة وضمان أمن الحدود والتدفقات الإنسانية.

هذا التقاطع بين المصالح الاقتصادية والسياسية يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من “السلام المشروط”، الذي يربط المساعدات بإعادة ترتيب المشهد الداخلي الفلسطيني وتهدئة الجبهة الجنوبية لإسرائيل، وهو ما يجعل الدور المصري أكثر حساسية ودقة من أي وقت مضى.

في المحصلة، تبدو قمة شرم الشيخ خطوة أولى نحو بناء معادلة جديدة لما بعد الحرب، حيث تتحول القاهرة من وسيط في النزاع إلى مهندس لمرحلة الاستقرار، محاطة بمزيج من الدعم الدولي والتحديات الداخلية، في وقت تتطلع فيه غزة إلى أن يكون “الإعمار” هذه المرة أكثر من مجرد شعار إنساني، بل مدخلاً لتاريخ سياسي جديد يطوي صفحة الهدم ويفتح باب الوجود الفلسطيني من جديد.

https://anbaaexpress.ma/gjko7

تعليق واحد

  1. كفانا عبثا خلاصة المؤتمر لتحسين صوره إسرائيل المحتلة لفلسطين ،في العالم وترميم ما خسره إعلاميا. وطبعا نحن سباقين في الكرم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى