أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

محكمة طنجة.. تصدر أحكامًا قاسية في ملف “جيل زد”.. 164 سنة سجنا لمتورطين في أحداث الشغب بالشمال

يرى مراقبون أن ما جرى في مدن الشمال يعكس تحوّلاً عميقاً في نمط الاحتجاج المغربي، من التنظيم السياسي والنقابي التقليدي إلى الفعل الفوري والمباشر الذي يولده الغضب الرقمي، وهو ما يطرح تحدياً كبيراً أمام السلطات في مقاربة أمنية واجتماعية متوازنة.

أنهت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة، فجر اليوم الأربعاء، فصول القضية التي أثارت جدلاً واسعًا في المغرب والمعروفة إعلاميًا بـ“أحداث شغب جيل زد”، بعد أن أصدرت أحكامًا وُصفت بـ“القاسية” في حق عشرات المتابعين الذين تورطوا في أعمال عنف شهدتها مدن شمالية قبل نحو ثلاثة أسابيع.

الجلسة التي امتدت لساعات طويلة تجاوزت العشرين، عُقدت وسط إجراءات أمنية مشددة، لتشمل ثلاثة ملفات رئيسية تضم مجموعات من طنجة والعرائش والقصر الكبير، بلغ عدد المتهمين فيها نحو خمسين شابًا.

وأفادت مصادر قضائية أن المداولات انتهت عند السادسة صباحًا، بعدما ناقشت المحكمة بالتفصيل التهم المرتبطة بإتلاف الممتلكات العمومية والخاصة، والمشاركة في تجمعات غير مرخصة، والاعتداء على عناصر الأمن.

وبحسب الأحكام الصادرة، نالت مجموعة طنجة النصيب الأكبر من العقوبات، إذ قضت المحكمة بسجن أربعة متهمين عشر سنوات نافذة لكل واحد منهم، وأربعة آخرين بخمس سنوات، فيما تراوحت بقية الأحكام بين سنتين وثلاث سنوات، ليبلغ مجموع العقوبات في هذه المجموعة 101 سنة سجناً نافذاً.

أما في ما يخص مجموعة العرائش، فقد صدرت في حق المتابعين أحكام تراوحت بين سنتين وأربع سنوات، بإجمالي 42 سنة سجناً نافذاً، في حين نالت مجموعة القصر الكبير أحكامًا أقل حدة، بلغت في مجموعها 21 سنة، بينها حكمين بعقوبة موقوفة التنفيذ لمدة عامين.

القضية التي وُصفت من طرف مراقبين بـ“الاختبار القضائي الصعب” جاءت في سياق الاحتجاجات التي اندلعت بشكل مفاجئ في مدن الشمال، وشارك فيها مئات الشبان الذين ينتمون إلى ما يُعرف بـ“الجيل الرقمي”، تأثرًا بدعوات تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجًا على ما وُصف بـ“الوضع الاجتماعي المتأزم”.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن النيابة العامة شددت منذ بداية التحقيقات على “الطابع التخريبي” للأحداث، معتبرة أن ما وقع “يتجاوز مجرد تعبير عن الرأي إلى اعتداء ممنهج على النظام العام”، فيما اعتبر دفاع المتهمين أن أغلب الموقوفين من القاصرين أو الشباب الذين انجرّوا وراء دعوات تحريضية دون وعي بخطورتها.

هذه الأحكام، التي بلغ مجموعها 164 سنة سجناً نافذاً، أعادت إلى الواجهة النقاش حول حرية التعبير وحدودها، ومسؤولية الدولة في احتواء الغضب الاجتماعي لدى فئة الشباب، الذين باتوا يعبرون عن رفضهم من خلال الفضاء الرقمي ثم الشارع، في ظل ما يعتبره خبراء فجوةً متزايدة بين الواقع الاقتصادي والتطلعات الاجتماعية.

ويرى مراقبون أن ما جرى في مدن الشمال يعكس تحوّلاً عميقاً في نمط الاحتجاج المغربي، من التنظيم السياسي والنقابي التقليدي إلى الفعل الفوري والمباشر الذي يولده الغضب الرقمي، وهو ما يطرح تحدياً كبيراً أمام السلطات في مقاربة أمنية واجتماعية متوازنة.

وبينما يؤكد القضاء على تطبيق القانون بحزم، تبرز أصوات حقوقية تطالب بمراجعة العقوبات وإعادة تقييمها في ضوء الظروف الاجتماعية للموقوفين، معتبرة أن “جيل زد” لا ينبغي أن يحاكم بعقلية الماضي، بل بفهم جديد لتأثير التحولات الرقمية والاقتصادية على السلوك الجماعي للشباب.

https://anbaaexpress.ma/6hypa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى