أثارت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، الداعية إلى استئناف الحوار الأمني مع الجزائر، ردود فعل حادة من زعيمة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، التي اعتبرت موقف الحكومة بمثابة “استسلام رسمي أمام النظام الجزائري”.
وفي تعليق نشرته على منصة “إكس”، شددت لوبان على أن تصريحات نونيز تمثل تراجعاً واضحاً عن السياسة الصارمة التي انتهجتها الحكومة السابقة في ملفات الهجرة والأمن، مشيرة إلى أن الجزائر لا تزال تحتجز مواطنين فرنسيين، هما الكاتب بوعلام صنصال والصحفي كريستوف غليز، في حين تبدي الحكومة الحالية استعدادها لاستعادة العلاقات وكأن الأزمة لم تحدث.
وتأتي تصريحات لوبان عقب مقابلة إذاعية لوزير الداخلية الجديد على “فرانس إنتر”، شدد فيها على ضرورة تحريك المياه الراكدة في العلاقات مع الجزائر، مؤكداً أن الوقت حان “لاستئناف الحوار حول القضايا الأمنية وتبادل المعلومات” بعد فترة من الجمود السياسي والدبلوماسي بين البلدين.
ورأت لوبان أن هذا الانقلاب في الموقف الفرنسي لا يبرره أي سبب سياسي أو أمني، معتبرة أن الوزير السابق، برونو روتايو، كان على الأقل يتمتع بوضوح الموقف وجرأة الخطاب، في حين يظهر الوزير الجديد استعداداً لتقديم تنازلات دون مقابل.
وتشهد العلاقات بين باريس والجزائر توتراً ملحوظاً منذ أبريل الماضي، بعد استدعاء الجزائر لسفير فرنسا، ستيفان روماني، ما أدى إلى تجميد شبه كامل للاتصالات السياسية بين الطرفين. وقد أثرت تصريحات نونيز الأخيرة على محاولة إعادة بناء الثقة، في خطوة اعتبرتها لوبان تنازلاً مجانياً عن أوراق تفاوضية مهمة.
وتعود جذور الأزمة إلى اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي في صيف 2024، ما أدى إلى تجميد التعاون الأمني والسياسي، وتعليق إصدار التأشيرات، وإلغاء اتفاق الإعفاء المتبادل لحاملي الجوازات الدبلوماسية، إلى جانب رفض الجزائر استعادة بعض رعاياها في فرنسا، ما زاد من حدة الخلاف.
كما عاد اتفاق 1968 المنظم لإقامة الجزائريين في فرنسا إلى دائرة النقاش، حيث دعا سياسيون إلى مراجعته لاعتباره يمنح امتيازات غير متكافئة، إلا أن نونيز رفض إعادة النظر فيه حالياً، مؤكداً أن “الاتفاق قائم ويعمل رغم أنه ليس مثالياً”.
ويقول مراقبون إن إشارات التهدئة الصادرة عن باريس تعكس رغبة الحكومة الفرنسية في إعادة الدفء إلى العلاقات مع الجزائر، لا سيما في ظل التحديات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها ملف الهجرة غير الشرعية.





تعليق واحد