في خطوة توصف بأنها محاولة لإعادة هندسة النظام السياسي الفلسطيني وبناء شرعية جديدة لما بعد الحرب، أعلن الرئيس محمود عباس تكليف الجهات المختصة بإعداد دستور مؤقت لدولة فلسطين خلال ثلاثة أشهر، يكون أساساً للانتقال من السلطة إلى الدولة، مع التعهد بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام من انتهاء العدوان على غزة.
التحرك الذي جاء وسط زخم دبلوماسي متصاعد بعد اعتراف 11 دولة جديدة بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، يُعدّ من وجهة نظر مراقبين محاولة لالتقاط اللحظة الدولية وإعادة صياغة المشهد الداخلي بما ينسجم مع منطق الدولة الواحدة والنظام الموحد، بعد سنوات من الانقسام بين الضفة وغزة.
عباس شدد على أن أي حزب أو فصيل لن يحق له خوض الانتخابات المقبلة ما لم يلتزم ببرنامج منظمة التحرير، ومبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، في إشارة واضحة إلى استبعاد القوى التي ترفض المسار التفاوضي، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
ويقرأ هذا التوجه كإطار لإعادة ضبط الشرعية الفلسطينية على أسس قانونية ودستورية جديدة، تضمن سلطة مركزية واحدة، وجيشاً وأمناً موحدين، في موازاة إصلاحات داخلية تشمل تحديث المناهج التعليمية وفق معايير اليونسكو، وتوحيد منظومة الرعاية الاجتماعية للأسرى والشهداء ضمن مؤسسة وطنية للتمكين الاقتصادي.
وبينما يرى البعض في هذه الخطوات خريطة طريق نحو “الجمهورية الفلسطينية الأولى”، يعتبرها آخرون محاولة متأخرة لترميم الشرعية المتهالكة، واستباق أي ترتيبات إقليمية أو دولية قد تتجاوز القيادة الحالية.
في الحالتين، يبدو أن محمود عباس يحاول أن يكتب السطر الأول في دستور الدولة التي طال انتظارها، ولو وسط رماد حربٍ لم تنتهِ بعد.




