نشرت صحيفة el español، المقربة من دوائر القرار العسكري والسياسي في مدريد، تقريراً مثيراً حذّرت فيه من تداعيات المقاطعة الإسبانية للصناعات العسكرية الإسرائيلية على القدرات الدفاعية لإسبانيا خلال السنوات المقبلة، معتبرة أن هذا القرار ترك الجيش الإسباني في وضع “هش ومكشوف” أمام التحديات الإقليمية، خصوصاً من جانب المغرب والجزائر.
ووفق التقرير الذي أعدّه المحلل العسكري والجيوسياسي ياغو رودريغيث، فإن قرار الحكومة الإسبانية بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل بعد حرب غزة، تسبب في شلل لعدد من البرامج الدفاعية الحيوية، أبرزها مشروع قاذفات الصواريخ SILAM المشتق من النظام الأميركي HIMARS، وصواريخ Spike المضادة للدبابات، التي تُعدّ من ركائز القوة البرية الإسبانية.
ويشير رودريغيث إلى أن التخلي عن هذه المنظومات سيُجبر الجيش على البحث عن بدائل أوروبية باهظة الثمن، أو العودة إلى الاعتماد على تركيا التي تُعد، بحسب التقرير، شريكاً غير مضمون الاستقرار، ما يعني أن إسبانيا ستجد نفسها قريباً بترسانة متقادمة وقدرات ردع محدودة.
التقرير دعا الحكومة إلى إعادة تقييم توجهاتها الدفاعية من منظور “الاستقلال الإستراتيجي”، عبر الاستثمار في التصنيع الوطني والانخراط بشكل أعمق في شبكات الدفاع الأوروبية المشتركة، لاسيما أن السياق الدولي الراهن – من الحرب في أوكرانيا إلى توتر المتوسط – يفرض على مدريد بناء تحالفات أكثر ثباتاً وواقعية.
ويرى التقرير أن “الردع الحقيقي لا يقاس بحجم الإنفاق العسكري، بل بقدرة الدولة على إلحاق أضرار غير مقبولة بخصومها المحتملين”، في إشارة مباشرة إلى المغرب الذي يشهد سباق تسلح نوعياً يعتمد على التكنولوجيا العالية وتعدد الشركاء الاستراتيجيين، من الولايات المتحدة إلى إسرائيل وتركيا.
ويخلص رودريغيث إلى أن إسبانيا قد تدخل مرحلة فراغ دفاعي مؤقت إذا لم تُسارع إلى تنويع مصادر تسليحها، محذراً من أن “المغرب يتحرك بخطة متكاملة لتحديث جيشه، بينما تعتمد إسبانيا على منظومات بطيئة وبيروقراطية تُشبه الأساطير أكثر مما تشبه المشاريع الدفاعية الواقعية”.
يبرز هذا التقرير التحول الحساس في إدراك المؤسسة العسكرية الإسبانية لتوازن القوى في غرب المتوسط.. فبينما يراهن المغرب على التفوق النوعي في التسليح والتصنيع المشترك، تبدو مدريد مقيدة بقرارات سياسية ذات طابع أخلاقي تجاه الحرب في غزة، لكنها ذات كلفة إستراتيجية باهظة.
ومن زاوية أعمق، تعكس الورقة قلقاً متنامياً في الأوساط الإسبانية من فقدان النفوذ العسكري أمام جيران أكثر دينامية، في لحظة تعيد فيها المنطقة بأكملها تعريف معادلات القوة.




