أفريقياسياسة
أخر الأخبار

حراك دبلوماسي مكثّف يسبق اجتماع مجلس الأمن.. ملامح تحوّل في مهام “المينورسو” نحو دعم الحكم الذاتي بالصحراء

يُتداول داخل الكواليس اسم مشروع أممي جديد تحت مسمى "مانساسو" (Mission d’Assistance pour les Négociations sur le Statut d’Autonomie du Sahara Occidental)،

تشهد الدبلوماسية الدولية خلال الأسابيع الأخيرة دينامية غير مسبوقة حول قضية الصحراء المغربية، قبل انعقاد الجلسة السنوية لمجلس الأمن المقررة نهاية الشهر الجاري، وسط مؤشرات متزايدة على أن مهمة بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” قد تشهد تحولاً نوعياً في طبيعتها ووظيفتها.

فحسب ما تتداوله أروقة الأمم المتحدة، يجري النقاش حول إمكانية إعادة تعريف دور البعثة، لتنتقل من مراقبة وقف إطلاق النار إلى هيئة مساعدة في تنزيل وتفعيل مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب سنة 2007 كحلّ عملي ونهائي للنزاع الإقليمي.

ووفقاً لما أورده موقع Africa Intelligence المتخصص في الشؤون الاستخباراتية والدبلوماسية، فإن المغرب يعمل حالياً على إعداد نسخة محدّثة من مبادرته للحكم الذاتي، بإشراف مباشر من وزير الخارجية ناصر بوريطة، وبمواكبة فنية غير معلنة من الدبلوماسية البريطانية.

وتُشير المعلومات إلى أن الصيغة الجديدة تراعي التقسيم الترابي المعتمد منذ سنة 2016، وتعزز مبدأ الجهوية الموسعة عبر تحديد صلاحيات واضحة لمؤسسات الجهة في مجالات أساسية كالتعليم والصحة والاقتصاد المحلي.

كما تتناول الخطة بشكل دقيق آليات معالجة وضعية اللاجئين في تندوف، والترتيبات الأمنية الخاصة بدمج الأقاليم الجنوبية ضمن السيادة المغربية الكاملة.

وتكشف المصادر ذاتها أن المغرب استعان بخبرة كريستوفر ثورنتون، الباحث البريطاني المتخصص في حل النزاعات بمركز الحوار الإنساني بجنيف، للمساهمة في صياغة المقترح الجديد بما يتوافق مع المعايير الدولية للحكم الذاتي الموسّع، في خطوة توحي برغبة الرباط في إضفاء بعد مؤسساتي وتقني متجدد على مشروعها السياسي.

في المقابل، تشتغل الولايات المتحدة على إعداد مشروع القرار الأممي الخاص بتمديد ولاية بعثة المينورسو، تحت إشراف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، بينما يواصل المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا جولات مكثفة تشمل الرباط والجزائر وباريس وموسكو وتندوف، في محاولة لاستطلاع مواقف الأطراف ورسم حدود الممكن السياسي في المرحلة المقبلة.

وتبقى روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن والحليف التقليدي للجزائر، عنصراً حاسماً في أي تسوية محتملة، نظراً لقدرتها على تعطيل أو تمرير القرارات عبر حق النقض (الفيتو).

ورغم هذا الزخم، يبقى نجاح أي مقاربة جديدة رهيناً بتقديم ضمانات سياسية وأمنية للجزائر التي لا تزال تتبنى مقاربة “الاستفتاء”، في حين تميل واشنطن إلى خيار “الهدوء الدبلوماسي” القائم على التدرج والتوافق، بينما تضغط باريس في اتجاه مبادرة رمزية من الرباط يُنظر إليها كبادرة حسن نية لتسهيل بناء موقف جماعي متوازن داخل مجلس الأمن.

اللافت أن ملف الصحراء يبدو مقبلاً على مرحلة حاسمة عنوانها تغيير قواعد اللعبة، إذ تشير المعطيات المتداولة إلى وجود توجه غربي منسق، تقوده واشنطن وباريس بدعم من لندن، يرمي إلى تجاوز حالة الجمود التي استمرت لأكثر من خمسة عقود، والدفع نحو صيغة جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة تُكرّس الحكم الذاتي المغربي كخيار وحيد واقعي قابل للتنفيذ.

وفي هذا السياق، بدأ يُتداول داخل الكواليس اسم مشروع أممي جديد تحت مسمى “مانساسو” (Mission d’Assistance pour les Négociations sur le Statut d’Autonomie du Sahara Occidental)، وهو تصور بديل يُلغى فيه خيار الاستفتاء تماماً، ويُحوَّل فيه تفويض المينورسو من مجرد مراقبة وقف إطلاق النار إلى بعثة دعم ومواكبة لمسار التفاوض وتفعيل ترتيبات الحكم الذاتي ميدانياً.

أما على الجانب المقابل، فلا تزال الجزائر متمسكة بخطابها التقليدي، من دون أن تقدّم أي مبادرة واقعية بديلة، في حين تعيش جبهة ميليشيا البوليساريو عزلة دبلوماسية متزايدة، وتكتفي بالرهان على تعبئة منظمات غير حكومية للمطالبة بتوسيع صلاحيات الأمم المتحدة لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، وهو مطلب تعتبره الرباط محاولة متكررة لتسييس الملف وإبطاء مسار الحل النهائي.

في المجمل، يبدو أن سنة 2025 قد تشكّل نقطة انعطاف في مسار هذا النزاع الإقليمي المزمن، حيث تتقاطع الإرادات الدولية والإقليمية نحو مقاربة جديدة تجعل من مقترح الحكم الذاتي المغربي ليس مجرد مبادرة تفاوضية، بل إطاراً عملياً لتسوية تاريخية تضع حداً لأحد أطول النزاعات في القارة الإفريقية.

https://anbaaexpress.ma/2w8y9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى