تحولت احتجاجات جيل Z بكل من آيت عميرة وإنزكان، التي انطلقت برفع شعارات مطلبية صافية تهم التعليم والصحة والشغل، إلى مشاهد عنف شملت تخريب ممتلكات عامة وخاصة وحرق سيارات الأمن، بعدما تسللت عناصر ملثمة مجهولة الهوية إلى صفوف المحتجين.
هذا التحول المفاجئ من السلمية إلى العنف أثار أسئلة جديّة حول الأطراف التي تقف وراء محاولة إفراغ الحراك من مضمونه الاجتماعي وتحويله إلى صدام مفتوح مع الدولة والمجتمع.
فالشباب الذين خرجوا من الأحياء الشعبية لم يكن هدفهم مواجهة رجال الأمن أو تكسير ممتلكات الجيران، بل إيصال أصواتهم في ظل انسداد الأفق وتفاقم الإحباط.
غير أن اندساس عناصر غريبة غيّر مسار الأحداث وقلب المشهد إلى نقيضه، الأمر الذي استدعى تدخلاً أمنياً مكثفاً للفصل بين المحتجين السلميين ومثيري الفوضى.
ولم تقتصر هذه الانزياحات على آيت عميرة وإنزكان وحدهما، بل شهدت مدن أخرى مظاهر مماثلة من الانفلات والعنف، من بينها وجدة وتمارة والصخيرات والرباط والدار البيضاء..، ما يعكس اتساع نطاق الاحتجاجات وتزايد المخاوف من فقدان السيطرة على مسارها السلمي.

وفي السياق نفسه، جاء قرار باشوية آيت عميرة بمنع الاحتجاجات بدعوى غياب الشروط القانونية، ليعكس توجس السلطات من احتمال انفلات الوضع.
لكن هذا القرار لم يمنع النقاش العمومي من التحول نحو مساءلة المسؤولية السياسية والأخلاقية عن حماية الحق في التظاهر من الاختراق، خصوصاً عندما تتحول المطالب الشرعية إلى ذريعة للعبث والعنف.
ما جرى في سوس ماسة لا يمكن اعتباره حادثاً عرضياً، بل هو مؤشر على هشاشة العلاقة بين الشارع والدولة. فبينما خرج الشباب بدوافع اجتماعية مشروعة، فإن انزلاق الحراك نحو العنف أضعف مصداقيته وأضر بشرعية مطالبه.
أما السلطة، فتجد نفسها اليوم بين مطرقة الحفاظ على الأمن وسندان ضمان حرية التعبير. وبين هذين التحديين، تضيع البوصلة ما لم يتم تحصين الفعل الاحتجاجي من التسييس والتخريب، عبر إطلاق آليات حوار جدي وإصلاحات ملموسة تعيد الثقة، وتمنع تحول المطالب الاجتماعية إلى فوضى مفتوحة.