آراء
أخر الأخبار

جيل GEN-Z212.. بين وعيٍ متقدّم ومحاولات التوجيه الخارجي

في المغرب، يجب أن تكون هذه الدروس جرس إنذار حقيقي لجيل “GEN-Z212” الذي يراهن عليه الوطن كقوة فكرية خلاقة، لا كأداة في أيدي من يتربص باستقراره

زليخة معروف

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة بروز ما يعرف بحركة “GEN-Z212″، وهي موجة شبابية رقمية تعبر عن طموحات جيل جديد يسعى للتغيير والتعبير عن ذاته بحرية.

غير أن هذا الحراك، الذي انطلق من نوايا حسنة في بدايته، أصبح اليوم ساحة مفتوحة لتجاذبات فكرية وسياسية تحاول بعض الأطراف الخارجية استغلالها لزعزعة الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة.

لقد أصبح من الواضح أن بعض الخطابات التي تروّج عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا تعبر بالضرورة عن مطالب اجتماعية مشروعة، بقدر ما تعكس أجندات أيديولوجية غامضة، تتقاطع مع روايات قديمة تسعى إلى التشكيك في ثوابت الأمة ووحدتها الترابية والمؤسسية.

فهناك من يحاول تحويل التذمر الشبابي إلى مشروع تصادمي مع النظام بدل أن يكون طاقة نقدية بناءة.

تتجلى خطورة هذه الظاهرة في أنها تستغل هشاشة الوعي الرقمي لدى فئة من الشباب، الذين يتلقون كمّا هائلا من المعلومات والمضامين الموجهة دون تمحيص.

وهنا تظهر يد بعض الجهات الإعلامية والمنصات الممولة التي تعمل على تغذية الانقسام الهوياتي بين مكونات المجتمع المغربي، من خلال تضخيم قضايا ثانوية وتحويلها إلى صراعات إثنية أو لغوية أو جهوية، في محاولة لضرب روح الوحدة الوطنية.

ومن الملاحظ أن الخلافات الداخلية داخل الحركة نفسها بدأت تبرز إلى السطح، خصوصا في ما يتعلق بمسائل الهوية والانتماء الثقافي، حيث شعر بعض الشباب الأمازيغ بالتهميش داخل النقاشات الرقمية، مما يظهر تناقضا واضحا بين الشعارات التي ترفع والممارسة الفعلية داخل الصفوف.

إن ما يحدث ليس معزولا عن تجارب مشابهة في دول إفريقية، حيث تمكنت جهات داخلية وخارجية من تحويل الحركات الشبابية إلى أدوات للفوضى أو إلى مشاريع موجهة تخدم أجندات ضيقة.

يكفي أن ننظر إلى ما وقع في بعض البلدان كمدغشقر مثلا، حيث تحولت حركة شبابية رقمية إلى أداة بيد المؤسسة العسكرية بعد أن تم اختراقها إعلاميا وتمويليا.

في المغرب، يجب أن تكون هذه الدروس جرس إنذار حقيقي لجيل “GEN-Z212” الذي يراهن عليه الوطن كقوة فكرية خلاقة، لا كأداة في أيدي من يتربص باستقراره.

فالتغيير الحقيقي لا يكون عبر تقليد شعارات مستوردة أو عبر الاندماج في أجندات معزولة عن الواقع الوطني، بل من خلال الانخراط الواعي والمسؤول في الإصلاح، في ظل الثوابت الجامعة للمملكة: الدين، والوطن، والملكية.

ختاما، إن المغرب يحتاج اليوم إلى جيل ناقد ومبدع لا تابع ومقلد؛ جيل يستعمل ذكاءه الرقمي لخدمة بلده لا لتقويضه، ويحول طاقته إلى مشروع بناء لا هدم.

فالمعارك الحديثة لم تعد بالسلاح فقط، بل بالفكرة والمعلومة والتأثير، ومن لا يمتلك الوعي يصبح بسهولة وقودا في حرب لا يفهم أهدافها.

* كاتبة متخصصة في العلاقات الدولية والشؤون السياسية

https://anbaaexpress.ma/joqqo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى