تقاريرسياسة
أخر الأخبار

جذور النار بين كابول وإسلام آباد.. اشتعال الحدود يعيد تاريخا من الشكوك والتحالفات الملتبسة

تعود جذور الصراع بين البلدين إلى إرث حدودي وسياسي معقد منذ ترسيم “خط دوراند” في أواخر القرن التاسع عشر، وهو الخط الذي ما زال مصدر خلاف دائم بين كابول وإسلام آباد.

عاد التوتر العسكري بين أفغانستان وباكستان إلى الواجهة بقوة بعد اشتباكات دامية على طول الحدود الجبلية المتنازع عليها، أعادت إلى الأذهان تاريخاً مثقلاً بالريبة والدم بين الجارتين.

فقد شهدت الأيام الأخيرة تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار، خلّف عشرات القتلى من الجانبين، بعد هجمات استهدفت كابول وولاية باكتيكا، اتهمت حركة طالبان باكستان بالضلوع فيها.

ورغم نفي إسلام آباد مسؤوليتها المباشرة، إلا أن طالبان اعتبرت أن الأراضي الأفغانية باتت مسرحاً لتصفية حسابات إقليمية، خصوصاً بعد الزيارة المفاجئة لوزير خارجيتها أمير خان متقي إلى الهند، الخصم اللدود لباكستان.

وردّت الأخيرة بسلسلة غارات جوية داخل العمق الأفغاني قالت إنها استهدفت معسكرات تدريب ومواقع لتنظيمات إرهابية، فيما نفذت طالبان هجمات “انتقامية” على مواقع حدودية في ولايتي كونار وننكرهار.

وتضاربت بيانات الخسائر بشكل لافت؛ إذ تحدثت طالبان عن مقتل 58 جندياً باكستانياً، بينما أعلنت إسلام آباد سقوط أكثر من مئتي مقاتل من طالبان.

وعلى وقع التصعيد، دعت الصين وروسيا وقطر والسعودية إلى التهدئة وضبط النفس، في حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده للوساطة قائلاً إنه “بارع في إنهاء الحروب وصنع السلام”.

وتعود جذور الصراع بين البلدين إلى إرث حدودي وسياسي معقد منذ ترسيم “خط دوراند” في أواخر القرن التاسع عشر، وهو الخط الذي ما زال مصدر خلاف دائم بين كابول وإسلام آباد.

وعلى الرغم من أن باكستان كانت الحاضنة الأولى لطالبان وداعمتها خلال فترة تمردها ضد الحكومة السابقة في كابول، فإن التحالف بينهما ظل هشاً ومشوباً بالشكوك.

فإسلام آباد تتهم كابول بإيواء حركة طالبان الباكستانية (TTP) التي تشن هجمات متزايدة ضد جيشها، بينما ترى طالبان الأفغانية أن باكستان تمارس وصاية غير معلنة وتتدخل في قراراتها السيادية.

ومع تقارب طالبان من الهند وإعادة فتح نيودلهي لسفارتها في كابول، تتعاظم المخاوف الباكستانية من تحوّل استراتيجي يبدّل موازين النفوذ في جنوب آسيا.

وبينما تتواصل الدعوات الدولية للحوار، يرى مراقبون أن ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد حدودي عابر، بل تجلٍّ جديد لصراع أعمق على الجغرافيا والهوية والنفوذ، صراعٍ لم تنطفئ نيرانه منذ قرن، بل تتجدد كلما ظنّ الطرفان أن السلام بات قريباً.

للإشارة توصلت باكستان وأفغانستان، التي تقودها حركة طالبان، مساء الاربعاء إلى اتفاق على وقف إطلاق نار مؤقت عقب تجدد المواجهات الدامية بين قوات البلدين على طول الحدود المشتركة، وتُظهر بيانات الطرفين تضارباً حول من الذي بادر بوقف إطلاف النار.

https://anbaaexpress.ma/6fy45

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى