تستعد الحكومة البريطانية لتنفيذ خطة جديدة تقضي بنقل مئات من طالبي اللجوء إلى مواقع عسكرية مؤقتة، في خطوة تهدف إلى إنهاء اعتماد البلاد على الفنادق لإيواء المهاجرين، بعد أن وُصفت هذه السياسة بأنها فاشلة ومكلفة.
وأكدت وزارة الداخلية البريطانية، أن ثكنتين عسكريتين — إحداهما في مدينة إنفيرنيس الإسكتلندية، والأخرى في مقاطعة إيست ساسكس جنوب إنجلترا — ستُستخدمان لاستيعاب نحو 900 من طالبي اللجوء الذكور خلال المرحلة الأولى، مع بحث إمكانية تخصيص مواقع إضافية خلال الأسابيع المقبلة.
الموقعان العسكريان كانا قد استُخدما سابقًا لإيواء عائلات أفغانية بعد الانسحاب الغربي من كابول عام 2021، قبل أن يُعاد توطينهم في مناطق أخرى. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعٍ حكومية لتخفيف الضغط عن نظام الاستقبال الرسمي، بعد أن أصبحت الفنادق المخصصة للجوء عبئًا ماليًا وسياسيًا على الحكومة البريطانية.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية، فإن الحكومة مصممة على “إغلاق جميع الفنادق المستخدمة لإيواء المهاجرين غير الشرعيين”، مشيرًا إلى أن الجهود تتسارع لاختيار مواقع بديلة تشمل منشآت صناعية ومبانٍ مهجورة ومواقع تدريب عسكرية.
التحول في سياسة الإيواء يأتي وسط انتقادات لاذعة من لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني، التي وصفت نظام الفنادق بأنه “فوضوي ومكلف”، مشيرة إلى أن تكلفة عقود الإيواء ارتفعت بشكل هائل من 4.5 مليار جنيه إسترليني إلى أكثر من 15 مليارًا للفترة الممتدة بين 2019 و2029، نتيجة الزيادة المستمرة في أعداد طالبي اللجوء.
وبالرغم من انخفاض عدد المقيمين في الفنادق إلى نحو 32 ألف شخص في يونيو الماضي، مقارنة بذروة بلغت أكثر من 56 ألفًا في عام 2023، فإن هذه الأرقام لا تزال مرتفعة قياسًا بالمستويات السابقة، ما يعكس استمرار الأزمة البنيوية في إدارة ملف الهجرة.
رئيس الوزراء كير ستارمر عبّر بدوره عن “إحباطه وغضبه” مما وصفه بـ“الفوضى الموروثة” من الحكومة السابقة، مؤكدًا أن فشلها في تسريع معالجة طلبات اللجوء تسبب في تضخم التكاليف وتفاقم الضغط على المجتمعات المحلية.
وتثير الخطة الجديدة جدلاً واسعًا داخل الأوساط الحقوقية والسياسية، إذ يرى معارضوها أن تحويل الثكنات العسكرية إلى مراكز إقامة جماعية سيزيد من عزلة المهاجرين ويكرّس صورة “العزل المؤسسي”، في حين تؤكد الحكومة أن الإجراء مؤقت وضروري لضبط الإنفاق وإصلاح نظام اللجوء الذي تجاوز قدراته التشغيلية.
بهذا التحول، تدخل بريطانيا مرحلة جديدة في إدارتها لأزمة اللجوء، حيث تسعى لتحقيق توازن بين مطالب الأمن والاقتصاد، وبين التزاماتها الإنسانية التي باتت موضع تساؤل متزايد داخل وخارج البلاد.




