بدأت صباح الجمعة قوافل النازحين الفلسطينيين بالتوجه تدريجياً نحو مدينة غزة، بعد إعلان فتح شارع الرشيد الساحلي الذي يُعد شرياناً رئيسياً يربط شمال القطاع بجنوبه، وذلك إثر بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ ظهر اليوم.
وأفادت مصادر محلية بأن عشرات الآلاف من العائلات بدأت التحرك من مناطق اللجوء في جنوب القطاع، لا سيما من خان يونس ورفح، باتجاه المناطق الشمالية التي كانت مغلقة منذ أشهر بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وجاءت هذه التطورات بعد أن سمحت قوات الاحتلال بمرور المدنيين على الطريق الساحلي عقب إعلانها بدء انسحاب تدريجي من داخل مدينة غزة.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، يواصل الجيش الإسرائيلي الانسحاب باتجاه “الخط الأصفر” شرق القطاع، في إطار خطة وُصفت بأنها جزء من المسار التنفيذي لاتفاق بوساطة أميركية.
وأشارت قناة كان وهيئة البث الإسرائيلية إلى أن الحكومة الإسرائيلية صادقت الليلة الماضية على الاتفاق بعد تأجيلات عدة، ما مهد لوقف القتال بشكل فوري.
وذكرت قناة /12/ الإسرائيلية أن اللواء السابع النظامي أكمل انسحابه من القطاع، تلاه اللواء 188، فيما أكدت إذاعة الجيش أن لواء الاحتياط “عتصيوني” بدأ مغادرة مواقعه في خان يونس تمهيداً للتمركز شرقي القطاع.
وتشير التقديرات إلى أن عملية الانسحاب الإسرائيلي الكامل من مدينة غزة قد تُستكمل خلال 24 ساعة، ما يفتح المجال أمام عودة تدريجية للحياة المدنية في المناطق التي دُمرت بشكل شبه كامل.
يعد هذا التطور منعطفاً سياسياً وميدانياً مهماً بعد عام من الحرب التي وصفت بأنها الأعنف في تاريخ الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، والتي خلّفت، وفق وزارة الصحة في غزة، أكثر من 67 ألف شهيد وقرابة 170 ألف جريح، معظمهم من المدنيين.
فتح شارع الرشيد وعودة النازحين يشكّلان مؤشراً أولياً على دخول مرحلة “ما بعد الحرب”، لكنّ التحديات الإنسانية تبقى هائلة، إذ ما تزال البنية التحتية مدمرة بشكل شبه كامل، بينما يواجه السكان أزمة حادة في الغذاء والمياه والخدمات الأساسية.
من الناحية السياسية، يُنظر إلى الانسحاب الإسرائيلي وفق خطة أميركية على أنه تجسيد لمرحلة انتقالية قد تسبق ترتيبات أوسع تشمل إدارة مدنية مؤقتة في القطاع، وسط حديث متزايد عن دور دولي وعربي في إعادة الإعمار وضمان الأمن.
ومع عودة أولى القوافل، يعيش سكان غزة بين أمل العودة وإرث الدمار، بانتظار ما إذا كان هذا الاتفاق سيصمد، أم سيكون مجرد هدنة مؤقتة في حرب لم تنتهِ بعد




