أفريقياإقتصاد
أخر الأخبار

الصناعة الجوية بالمغرب ترسيخ للريادة التكنولوجية و السيادة الصناعية الدقيقة

د. الحسين بكار السباعي 

يأتي إطلاق المركب الصناعي الجديد لمحركات الطائرات التابع لمجموعة “سافران”، بإقليم النواصر التابع لجهة الدار البيضاء سطات، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، كإشارة استراتيجية بالغة الأهمية في مسار بناء الإقتصاد الصناعي الوطني، وتجسيد فعلي للرؤية الملكية الهادفة إلى جعل المغرب مركز صناعي متقدم في الصناعات العالية التقنية.

فهذا المشروع ليس مجرد إستثمار صناعي أجنبي، بل هو لبنة جديدة في هندسة السيادة التكنولوجية للمملكة، إذ يندرج ضمن التحول النوعي نحو إقتصاد المعرفة والصناعة الذكية، بما يعزز تموقع المغرب في سلاسل القيمة العالمية للطيران.

إن إختيار مجموعة “سافران” إنشاء ثاني موقع عالمي لإنتاج وصيانة محركات LEAP في المغرب، يؤكد أن المملكة لم تعد مجرد فضاء للتجميع، بل شريك كامل في الإنتاج والإبتكار الصناعي.

ويشكل هذا التحول ثمرة للسياسات المتكاملة التي أرسى دعائمها جلالة الملك منذ عقدين، من خلال الإستثمار في الرأسمال البشري، وتأهيل البنيات التحتية وتحسين مناخ الأعمال، وتحقيق إستقرار ماكرو اقتصادي جعل من المغرب وجهة مفضلة للاستثمار الصناعي المتطور.

وتتجلى أبعاد هذا المشروع في كونه يكرس تحول المغرب من بلد مستقبل للتكنولوجيا إلى بلد منتج لها، عبر منظومة متكاملة تشمل البحث والتكوين والصيانةوالاختبار.

وهو بذلك يفتح آفاق جديدة لتشغيل الكفاءات المغربية الشابة في مجالات هندسية معقدة، ويؤسس لجيل جديد من الصناعات القائمة على الذكاء الصناعي، والتصميم الرقمي والطاقة النظيفة، مما يعزز تنافسية الإقتصاد الوطني ويحد من التبعية التكنولوجية للخارج.

كما أن إدراج الطاقات المتجددة ضمن إتفاقيات المشروع يعكس الإنسجام التام بين التنمية الصناعية والسياسة البيئية للمغرب، في أفق تحقيق السيادة الطاقية وتقليص البصمة الكربونية للقطاع الصناعي.

وهي خطوة تعبر عن نضج النموذج المغربي للتنمية المستدامة، الذي يوازن بين متطلبات التصنيع والحفاظ على البيئة.

ختاما، إن تدشين مركب “سافران” بالنواصر يمثل في جوهره انتقالا من مرحلة “إستقبال الصناعات” إلى مرحلة “صناعة المستقبل”، ويؤكد أن المغرب يرسخ مكانته كمنصة صناعية عالمية لا تنافس فقط في الكلفة، بل في الكفاءة والإبتكار والموثوقية.

إنه إعلان ضمني بأن الإقتصاد المغربي دخل عصر الثورة الصناعية الرابعة، وأن المملكة تسير بخطى واثقة نحو بناء قاعدة إنتاجية قادرة على الإندماج في النظام الصناعي العالمي الجديد.

* محلل سياسي وخبير إستراتيجي

https://anbaaexpress.ma/h4454

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى