تقاريرسياسة
أخر الأخبار

الأمم المتحدة تحذّر من انهيار مؤسسات ليبيا.. المصالحة الوطنية تتحول إلى ورقة سياسية بيد المتصارعين

في ختام التقرير، شددت بعثة الأمم المتحدة على أن الترتيبات المؤقتة التي حالت دون اندلاع نزاع شامل في الفترة الماضية ليست سوى حلول هشة يمكن أن تنهار في أي لحظة،..

في تقرير جديد حمل عنوان “الاستعراض الاستراتيجي لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا”، حذّرت الأمم المتحدة من أن ليبيا تقف على حافة مرحلة خطيرة من الانهيار، في ظل تفاقم الانقسامات السياسية واستمرار الصراع على الموارد والسلطة، بما يهدد بفشل مسار المصالحة الوطنية وتحولها إلى أداة للمناورة السياسية بدل أن تكون مدخلًا لتوحيد البلاد.

التقرير الذي قُدّم إلى مجلس الأمن الدولي ورُفع الأحد، رسم صورة قاتمة للمشهد الليبي الراهن، مشيرًا إلى أن مؤسسات الدولة ما تزال منقسمة بين الشرق والغرب، وسط غياب الإرادة السياسية الجامعة، واستمرار مظاهر التهميش والإقصاء لفئات واسعة من المجتمع الليبي.

وأوضح التقرير أن ملف المصالحة الوطنية، الذي كان من المفترض أن يكون خطوة نحو تجاوز إرث الصراع وتضميد الجراح، تحول إلى قضية “مسيسة” بامتياز، تُستغل من قبل الأطراف المتنافسة لتحقيق مكاسب آنية.

كما انتقد استبعاد شرائح أساسية من هذا المسار، بينها النساء والشباب والمجتمعات غير العربية، إلى جانب منظمات المجتمع المدني وضحايا النزاع، معتبرًا أن هذا النهج يقوّض مصداقية أي عملية للمصالحة ويكرّس شعورًا بالظلم والتمييز.

وعلى الصعيد الحقوقي، عبّر التقرير عن قلق بالغ إزاء استمرار الاعتقالات التعسفية بحق ناشطين سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، محذرًا من أن مثل هذه الممارسات تسهم في خنق الحريات العامة وتدمير البيئة اللازمة لأي حوار وطني حقيقي.

وأشار إلى تراجع حرية التعبير وتضييق الفضاء المدني، في ظل تصاعد خطاب الكراهية والتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعمّق الانقسامات ويغذي حالة العداء المجتمعي.

أما على المستوى الاقتصادي، فقد أشار التقرير إلى أن الصراع على الموارد والمؤسسات السيادية لا يزال يشكّل أحد أبرز معوقات إعادة توحيد الدولة، مبرزًا أن مؤسسات رئيسية مثل مصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط تعاني أزمات حادة بسبب التنازع على القيادة والتدخلات السياسية المباشرة.

كما لفت إلى أن ليبيا لم تتمكن منذ عام 2014 من إقرار ميزانية وطنية موحدة، ما أدى إلى خلق مسارات إنفاق موازية بين سلطات الشرق والغرب، وهو ما زاد من ضعف الشفافية والمساءلة وفتح الباب أمام سوء استخدام المال العام.

ورغم ما وفّرته الثروة النفطية من استقرار اقتصادي نسبي ومنعت البلاد من الانهيار المالي الكامل، إلا أن التقرير حذّر من أن هذا الوضع لن يستمر طويلاً في ظل غياب إدارة رشيدة وتراجع الشرعية الاقتصادية والمؤسساتية.

وفي ختام التقرير، شددت بعثة الأمم المتحدة على أن الترتيبات المؤقتة التي حالت دون اندلاع نزاع شامل في الفترة الماضية ليست سوى حلول هشة يمكن أن تنهار في أي لحظة، داعية إلى إطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة ليبية ودعم دولي متوازن، تقوم على مبادئ المصارحة والمساءلة وتوحيد المؤسسات.

وختمت البعثة الأممية بالقول إن “ليبيا بحاجة إلى رؤية وطنية جديدة تنبع من الداخل، لا تُفرض من الخارج ولا تُبنى على موازين قوى آنية”، مؤكدة أن أي تسوية لا تستند إلى توافق حقيقي بين مكونات المجتمع الليبي لن تصمد أمام تعقيدات الواقع السياسي والاجتماعي في البلاد.

https://anbaaexpress.ma/vqs2p

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى