في مشهد غير مسبوق في التاريخ السياسي الفرنسي، قدّم رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو استقالته بعد 14 ساعة فقط من إعلان تشكيل حكومته، في خطوة فجّرت أزمة سياسية ومالية حادة وأربكت الأسواق، إذ هبطت الأسهم الفرنسية واليورو مباشرة عقب النبأ.
وجاءت الاستقالة بعد تصاعد التهديدات من الحلفاء والخصوم بإسقاط حكومته فور انعقادها، بسبب تشكيلة وزارية وُصفت بأنها بلا هوية واضحة، لا هي يمينية بما يكفي لإرضاء المحافظين ولا منفتحة بالقدر المطلوب لاستمالة اليسار.
وتأتي هذه الأزمة الجديدة لتعمّق المأزق السياسي الذي تعيشه فرنسا منذ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة العام الماضي، والتي أفرزت برلمانًا منقسمًا بلا أغلبية، ما جعل أي حكومة عرضة للسقوط الفوري.
وكان لوكورنو خامس رئيس وزراء لماكرون خلال عامين، ويمثّل استقالته مؤشراً على تآكل قدرة الرئيس على ضبط التوازن السياسي في ظل استقطاب حاد بين اليمين المتطرف واليسار.
وبينما عيّن لوكورنو قبل استقالته رولان ليسكور وزيرًا للمالية في محاولة لطمأنة الاشتراكيين وتمهيد الطريق لإقرار الموازنة، فإن هذه الخطوة لم تفلح في احتواء الغضب السياسي أو طمأنة الأسواق، خاصة مع تزايد القلق من ارتفاع العجز المالي الفرنسي إلى أعلى مستوياته في منطقة اليورو.
استقالة لوكورنو، رغم قصر مدتها، تعكس هشاشة النظام الحزبي الفرنسي في عهد ماكرون، وتؤكد أن “الوسَطية السياسية” التي راهن عليها لم تعد قادرة على جمع الأضداد أو إنتاج استقرار مؤسسي في بلد يعيش على وقع أزمة تمثيلية متفاقمة.




