أفريقياسياسة
أخر الأخبار

دي ميستورا يهزّ نصف قرن من الدعاية بجملة واحدة: ليست “شعبًا ضدّ محتّل”.. بل نزاع بين دولتين المغرب والجزائر

بقلم: د. أميرة عبد العزيز

لم يكن الأمر بحاجة إلى مجلدات ولا إلى جولات مكوكية لا تنتهي، بل إلى جملة واحدة فقط. ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، في مقابلة نُشرت يوم 9 سبتمبر 2025، أزاح رداء التحفّظ الذي لازم خطاباته، واختار الوضوح القاطع: النزاع ليس صراعًا بين “شعب” و”محتل”، بل بين دولتين، المغرب والجزائر.

بهذا التصريح المقتضب، العاصف في عمقه، نسف دي ميستورا عقودًا من الدعاية الجزائرية.

فالرواية الرسمية التي غذّاها النظام الجزائري منذ سبعينيات القرن الماضي، وجنّد لها آلة إعلامية ودبلوماسية ضخمة، انهارت أمام كلمة حقّ.

والمجتمع الدولي، الذي طالما غشيته ضبابية الخطاب، بات يرى القضية في صورتها الحقيقية: نزاع إقليمي مفتعل، تقف الجزائر فيه طرفًا مباشرًا، راعيةً وممولةً ومؤطرةً لجبهة البوليساريو.

المبعوث الأممي، المعروف بحذره الشديد ولغته الديبلوماسية المواربة، تخلّى هذه المرة عن الغموض، مُضفيًا شرعية أممية على رؤية تتناغم مع خلاصات مجلس الأمن الأخيرة، التي رسّخت واقعية مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كالحل الوحيد الجاد والقابل للتنفيذ.

وهكذا، أعاد دي ميستورا النقاش إلى سكّته الصحيحة: مسؤولية الجزائر لم تعد قابلة للإخفاء خلف واجهة “التمثيل المزعوم للشعب الصحراوي”.

إن هذا التوضيح الصريح يضع النظام الجزائري أمام مرآة الحقيقة. والسؤال المركزي اليوم: ماذا سيفعل وقد انكشفت أوراقه أمام الرأي العام الدولي؟ أيمضي في غيّه ومقامرته، مستنزفًا ثروات شعبه في حرب عبثية ضد المغرب؟ أم يذعن أخيرًا لمنطق الواقعية السياسية ويجلس إلى طاولة الحل؟

المؤكد أن العالم أصبح أكثر وعيًا بمكمن الحقيقة، وأكثر دعمًا للمبادرات الجدية والعملية.

أما بروباغندا الجزائر، فقد تهاوت أمام عبارة واحدة، لكنها كانت كافية لتفجير كذبة عاشت نصف قرن.

فهل يمتلك النظام الجزائري الشجاعة ليعترف بمسؤوليته التاريخية ويختار طريق السلام، أم يصرّ على العناد الذي لا يقود إلا إلى عزلةٍ أبدية؟

دي ميستورا خلال حواره مع المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)

https://anbaaexpress.ma/m8ss8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى