في تصريح مثير للجدل، حذّر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية الأسبق، من ما وصفه بـ”خطر غير مسبوق” يهدد ليس فقط فلسطين أو قطر، بل حتى المغرب ومقر حزبه نفسه.
جاء ذلك خلال اجتماع الأمانة العامة للحزب، السبت 13 شتنبر 2025، حيث قال بنكيران إنه “لا يرى مانعاً أن تقصف إسرائيل حتى مقر العدالة والتنمية”، في إشارة منه إلى انعدام الشعور بالأمان داخل المنطقة.
بنكيران صعّد خطابه إلى مستوى غير مسبوق، مؤكداً أن الشعوب العربية لم تعد تشعر بالحماية من أنظمتها السياسية، موجهاً انتقاداً لاذعاً للملوك والرؤساء العرب عشية القمة الاستثنائية بالدوحة بعد العدوان الإسرائيلي على قطر.
وذهب أبعد من ذلك حين خاطب الحكام العرب بالقول: “إذا لم تحمونا من إسرائيل، ما بقات بيعة”، وهو تصريح يحمل دلالات عميقة حول علاقة الشعوب بالأنظمة واستمرار الشرعية السياسية.
كما شدد بنكيران على أن البيانات الرسمية والإدانات التقليدية لم تعد كافية، مطالباً بخطوات عملية مثل قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل واستدعاء السفراء، محذراً من أن أي دولة لم تعد في مأمن بعد استهداف قطر.

لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: ما الهدف من هذه التصريحات؟
هل يسعى بنكيران إلى دق ناقوس الخطر وتنبيه الرأي العام العربي والمغربي من اتساع دائرة الاستهداف الإسرائيلي؟ أم أن تصريحاته تتجاوز حدود التنبيه لتلامس مجال التشكيك في قدرات الدولة المغربية وأجهزتها العسكرية والأمنية على حماية الوطن والمواطنين؟
تصريحات الأمين العام للعدالة والتنمية توحي بتناقض كبير: من جهة، يسعى إلى تصوير نفسه مدافعاً عن الشعوب العربية في مواجهة “التواطؤ الرسمي”، ومن جهة أخرى يثير مخاوف داخلية حول السيادة والأمن القومي المغربي عبر الإيحاء بأن إسرائيل قادرة على استهداف مقرات حزبية في قلب المغرب، وهو ما يطرح علامات استفهام حول رسائل بنكيران المبطّنة وسياقها السياسي الداخلي.
في النهاية، تبقى هذه التصريحات سلاحاً ذا حدين: فإما أنها دعوة لإيقاظ الضمير العربي وتحريك مواقف رسمية أقوى، أو أنها انزلاق خطابي قد يُقرأ كتقويض لثقة المواطنين في مؤسسات الدولة المغربية وقدرتها على الحماية.
ورغم حدة خطابه، فإن توقيت هذه التصريحات يثير الكثير من علامات الاستفهام، إذ يرى متتبعون أنها لا تخدم المغرب في هذه المرحلة الدقيقة التي تحتاج إلى خطاب وطني جامع يرسخ الثقة في مؤسسات الدولة، بدل إطلاق رسائل قد تُستغل للتشكيك في أمن البلاد وسيادتها.




