آراءمجتمع
أخر الأخبار

مصر والمغرب.. عشق متجذر وحضارة تتغنى بها القلوب

فبمجرد أن يذكر اسم المغرب، تنهال كلمات الثناء والإعجاب، ويبدأ المصريون في رسم صور شعرية عن بلد يعتبرونه شقيقا عزيزا

بقلم: هند الصنعاني

حين تجلس في مقهى شعبي في القاهرة أو حتى في مجلس عائلي، وتسأل أحد المصريين عن رأيه في المغرب، تجد نفسك أمام لوحة نابضة بالمحبة والافتتان، فبمجرد أن يذكر اسم المغرب، تنهال كلمات الثناء والإعجاب، ويبدأ المصريون في رسم صور شعرية عن بلد يعتبرونه شقيقا عزيزا، له في قلوبهم مكانة رفيعة.

المغربي عند المصري ليس مجرد ضيف أو عابر سبيل، بل هو رمز لحضارة ممتدة من أعماق التاريخ، وامتداد طبيعي لجذور واحدة جمعت الشعبين منذ قرون، ولعل ما يميز المصريين في مدحهم للمغرب أنهم لا يقتصرون على كلمات مجاملة عابرة، بل يتغنون بالبلد وتفاصيله، بأطلسه وجباله الشامخة، بمدنه العريقة مثل فاس ومراكش، وبسحر شواطئه الممتدة على المتوسط والأطلسي، وببهاء أزيائه التقليدية كالجلباب والقفطان، وبمذاق مطبخه الغني الذي يثير إعجاب كل من يزوره.

ولعل ما يزيد الأمر عمقا أن المصريين يربطون إعجابهم بالمغرب بإعجابهم بملكه، الذي يرونه قائدا حصيفا جمع بين الحكمة السياسية والرؤية الاقتصادية، فجعل من المغرب بلدا له صوته المسموع في المحافل الدولية، وقوة اقتصادية واعدة في القارة الإفريقية، يصفه المصريون بالملك القريب من شعبه، المخلص لأرضه، الذي قاد بلاده نحو التقدم والاستقرار في زمن تتلاطم فيه أمواج التحديات.

لكن الحب المصري للمغرب لا يتوقف عند السياسة والجغرافيا، بل يمتد إلى الشعب نفسه، فالمغاربة في نظر المصريين شعب مضياف، أصيل، محب للحياة، يشبههم في طيبته ودفء مشاعره، يرددون دائما أن المصري حين يلتقي بالمغربي يشعر كأنه مع أخيه، يجمعهما الدم والعروبة والإسلام والتاريخ المشترك.

وتزخر العلاقات المصرية المغربية بذكريات ومواقف تاريخية تؤكد هذا القرب، فمنذ عصور المرابطين والموحدين، مرورا بدعم المغرب لمصر في حروبها، وصولا إلى التعاون الثقافي والفني، ظل خيط المحبة ممتدا لا ينقطع، ويكفي أن نذكر أن الفن المغربي يحظى بجمهور واسع في مصر، كما أن المصريين بدورهم يتغنون في المغرب بموروثهم الغنائي والسينمائي، في تلاق فني يثري وجدان الشعبين.

الجامع الأكبر بين البلدين هو الإحساس بالانتماء إلى حضارة عريقة، حضارة عربية إسلامية ذات إشعاع عالمي، المصريون حين يمدحون المغرب يتحدثون عن تاريخ الأندلس، عن علماء فاس، عن شعراء مراكش، عن الصناعات التقليدية التي تحفظ روح الأصالة، وعن الملك الذي يمثل رمز الوحدة والاستمرارية، والمغاربة حين يذكرون مصر، يذكرون الأهرام وأم كلثوم والأزهر، وحضارة سبعة آلاف عام.

إنها علاقة عشق متبادل، ولكن في مصر تأخذ صيغة مميزة، إذ تتحول كل جلسة فيها حديث عن المغرب إلى جلسة شعرية تتخللها عبارات الافتخار والإعجاب، كأن المصريين يتحدثون عن وطن ثان لا يقل مكانة عن وطنهم الأم.

وفي النهاية، يمكن القول إن حب المصريين للمغرب ليس وليد اللحظة، ولا هو مجرد إعجاب سياحي عابر، بل هو حب ضارب في الجذور، تكرسه روابط التاريخ والدين واللغة والمصير المشترك.

هو حب بلد لبلد، وحضارة لحضارة، وقلوب لقلوب، يجمعها شغف واحد هو الحفاظ على العروبة حيةً في زمن المتغيرات.

https://anbaaexpress.ma/fc5d5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى