نشرت مصر منظومات الدفاع الجوي الصينية المتطورة “HQ-9B” بعيدة المدى في مواقع استراتيجية بسيناء، مع تعزيزات عسكرية واسعة شملت عشرات الآلاف من الجنود وآلاف الآليات الثقيلة.
وتأتي هذه التحركات في ظل مخاوف من أن تؤدي العملية الإسرائيلية في غزة إلى تهجير الفلسطينيين نحو الأراضي المصرية، وهو ما تعتبره القاهرة خطًا أحمر لا يقبل المساومة.
وزير الدفاع المصري عبد المجيد صقر شدد على أن الجاهزية العسكرية ليست مسألة معنويات بل استعداد فعلي لأي تطور، مؤكداً أن أي مساس بالحدود المصرية سيُفاجئ العالم بقدرات القاهرة غير المعلنة.
منظومة “HQ-9B” الصينية، التي يصل مداها إلى 200 كلم مع قدرات متقدمة ضد المقاتلات والطائرات المسيّرة وصواريخ كروز، تمثل ركيزة في شبكة دفاع جوي متعددة الطبقات، ما يعزز قدرة مصر على حماية منشآتها الحيوية وردع أي اختراق محتمل.
التقارير الغربية ربطت هذه الخطوة بالهجوم الإسرائيلي الأخير على وفد لحركة حماس في قطر، معتبرةً أن القاهرة تبعث برسالة مفادها الاستعداد للدفاع عن حدودها دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة.
صحيفة وول ستريت جورنال أشارت إلى أن العملية الإسرائيلية نفذت عبر مسار جوي معقد مر بالأجواء السورية والعراقية، بمساندة بريطانية لوجستية.
في المقابل، أبدت إسرائيل قلقها من تسارع عملية التسلح المصرية. مندوبها لدى الأمم المتحدة داني دانون تساءل عن دوافع القاهرة لاقتناء غواصات ودبابات وأنظمة دفاع متطورة، معتبراً أن ذلك يثير الشكوك بعد هجوم 7 أكتوبر.
بينما رد المندوب المصري أسامة عبد الخالق قائلاً إن الدول الكبرى مثل مصر تحتاج جيوشًا قوية بتسليح متنوع لحماية أمنها القومي.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدوره أكد أن قوة الجيش جزء من قوة الدولة الشاملة، مشيرًا إلى أن بناء قدرات عسكرية متقدمة ليس ترفًا بل ضرورة استراتيجية لحماية مصر من أي مفاجآت إقليمية.
هذه الخطوة المصرية وفق محللون، تحمل أبعادا تتجاوز سيناء والحدود مع غزة. فهي أولًا إشارة إلى عودة مصر لاعبًا إقليميًا وازنًا بعد سنوات من الانكفاء الداخلي.
ثانيًا، هي رسالة إلى إسرائيل بأن سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء لن يمر دون ردع عسكري.
ثالثًا، تحمل البعد الدولي حيث يعكس اعتماد القاهرة على المنظومات الصينية تنويعًا لمصادر التسليح خارج المظلة الأمريكية التقليدية، وهو ما يربك تل أبيب وواشنطن على حد سواء.
في السياق الإقليمي لما بعد 7 أكتوبر، تبدو مصر في موقع حساس. فهي لا تريد مواجهة مباشرة مع إسرائيل لكنها ترفض دفع ثمن حساباتها في غزة.
لذلك، فإن نشر “HQ-9B” يحقق معادلة مزدوجة التحصين الدفاعي أمام أي تهديد محتمل، وإظهار القوة لإحباط أي محاولة لفرض وقائع جديدة على حدودها.
إجمالا ما يحدث هو بداية تشكل توازن ردع جديد في المنطقة، حيث لم تعد إسرائيل تحتكر تفوق السماء، بينما تبني مصر مع الصين وغيرهما شبكة تسلح تعيد رسم معادلات القوة في الشرق الأوسط.