بعدما تخلت بريطانيا رسمياً في يونيو الماضي عن دعم مشروع الربط الكهربائي العملاق مع المغرب، تتجه شركة “إكس لينكس” البريطانية إلى إعادة إطلاقه في ألمانيا عبر مبادرة جديدة تحمل اسم “Sila Atlantik”.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن المشروع سيشرف عليه فرع “إكس لينكس” بألمانيا بمشاركة مسؤولين سابقين من شركتي EnBW وOrsted، بهدف إنشاء خط ربط ضخم بطول 4800 كيلومتر بمحاذاة الساحل الأطلسي، لنقل 15 غيغاواط من الكهرباء المنتَجة من محطات الرياح والطاقة الشمسية في الصحراء المغربية إلى ألمانيا، ما يجعله أحد أضخم مشاريع الطاقة النظيفة العابرة للحدود في العالم.
وكانت لندن قد بررت انسحابها من المشروع، الذي بلغت تكلفته التقديرية 25 مليار جنيه إسترليني، بوجود “مخاطر عالية في التنفيذ والأمن”، معتبرة أنه “لا يخدم المصلحة الوطنية حالياً”، ومفضلة الاستثمار في مشاريع طاقة محلية.
هذا القرار أثار استياء الشركة، التي أنفقت أكثر من 100 مليون جنيه في مرحلة التطوير، لتبدأ البحث عن بدائل، بينها ألمانيا.
المشروع الجديد يأتي في وقت تسعى فيه برلين لتعزيز أمنها الطاقي بعد التخلي عن الفحم والطاقة النووية، فيما يَعِد الربط المغربي بتأمين جزء مهم من احتياجاتها، خاصة للصناعات الثقيلة، بفضل القدرة على إنتاج كهرباء نظيفة ورخيصة تعتمد على تنوع المناخ المغربي بين الرياح الليلية والشمس النهارية.
تحويل المشروع من بريطانيا إلى ألمانيا وفق مختصين يعكس تحوّلاً في خريطة التحالفات الطاقية العالمية، حيث تفقد لندن فرصة استراتيجية لتعزيز أمنها الطاقي في مقابل استفادة برلين من موقع المغرب الجغرافي وإمكاناته الطبيعية.
كما يعكس ذلك صعود المغرب كفاعل محوري في انتقال الطاقة نحو أوروبا، ليس فقط كمصدر محتمل للهيدروجين الأخضر، بل أيضاً كمزود مباشر للكهرباء النظيفة.
الرهان الألماني على “Sila Atlantik” يُظهر أن مستقبل الطاقة في أوروبا يتجه نحو الاعتماد على الشراكات العابرة للمتوسط، ما قد يعزز من موقع المغرب التفاوضي إزاء الاتحاد الأوروبي، ويفتح الباب أمام مشاريع أكبر قد تمتد إلى دول أخرى تبحث عن بدائل استراتيجية في زمن الأزمات الطاقية العالمية.