آراءسياسة
أخر الأخبار

مشروع الإدارة الدولية للقطاع.. بين خطة ترامب وشروط نتنياهو “تحليل”

من الطبيعي أن تُطرح مثل هذه الحلول ليس فقط كبالونات اختبار، بل كخيارات واقعية أمام معضلة معقدة مثل غزة...

تستمر التسريبات القادمة من واشنطن حول تصور الإدارة الأميركية والرئيس ترامب لشكل الحل في غزة.

فمن فكرة “الريفيرا” المزعومة التي طُرحت قبل أشهر، إلى الحديث اليوم عن إدارة جديدة للقطاع على شكل “سلطة انتقالية دولية” تشرف عليه لمدة لا تقل عن خمس سنوات.

وفي حال الحصول على تفويض من الأمم المتحدة، فإن هذه السلطة ستصبح المرجعية السياسية والقانونية العليا في غزة.

هذا الطرح ليس جديداً، فقد شهد العام الماضي كثيراً من النقاشات حول شكل الحل الممكن، بما في ذلك إنشاء هيئات أو مجالس محلية، مع إصرار واضح على استبعاد عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة.

غير أن التسريب الأخير يبدو أكثر واقعية من تحويل القطاع إلى مشروع عقاري، إذ يركز على مستقبل القطاع ودور محتمل لوجوه فلسطينية جديدة من التكنوقراط، تحت رعاية وتفويض دولي، مع الحديث عن شخصية قريبة من دوائر القرار العربي مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

وهو ما يوحي بأننا أمام رؤية أوضح وأكثر تفصيلاً، تحمل نقاطاً مشتركة مع مبادرات سابقة للأمم المتحدة، وخصوصاً رفض فرض التهجير القسري أو الإخراج الإجباري للفلسطينيين من القطاع، وهو ما يعارضه نتنياهو بشكل معلن.

من الطبيعي أن تُطرح مثل هذه الحلول ليس فقط كبالونات اختبار، بل كخيارات واقعية أمام معضلة معقدة مثل غزة.

وفكرة تدويل الحل تأسست منذ فشل محاولات وقف الحرب أو التوصل إلى صيغة محلية توافقية. فأي حل مطروح اليوم يأتي من الخارج، لكنه يستند إلى ثوابت واضحة: نزع سلاح غزة، وإخراج حماس من القطاع.

وهو ما يجعلنا ما زلنا بعيدين عن التطبيق الفعلي، إذ إن ربط الحل بتسليم الرهائن مجتمعين، وتسليم حماس سلاحها وخروجها من القطاع، يبسط المشكلة إلى حد اختزالها، بينما الواقع أن الأزمة ما زالت في ذروتها.

الدور العربي، الذي يزداد بروزه مؤخراً، قد يشكل عاملاً مؤثراً في صياغة الحل، خصوصاً مع حضور خليجي أقوى في التأثير على إدارة ترامب.

ويتضح ذلك في الموقف من مسألة ضم الضفة الغربية، حيث عبّر ترامب في لقاءاته مع القادة العرب عن أفكار لم تلقَ قبولاً، في وقت كانت إسرائيل قد بدأت خطوات عملية على الأرض لا تبدو مستعدة للتراجع عنها.

لذلك يتركز الضغط الأميركي على تأجيل أو منع الإعلان الرسمي عن الضم، وهو ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بقوله إن النقاش لا يدور حول ضم أراضٍ فلسطينية، بل حول تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات الواقعة في المنطقة “ج”، في خطوة تعكس خطة للسيطرة دون الاصطدام مباشرة بترامب.

وفي خضم هذه التسريبات، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة على أن الحرب لن تتوقف.

فبينما عرض إنجازات إسرائيل في مواجهة إيران ومحورها، أكد استمرار ما سماه “حرب الجبهات السبع”، مشيراً إلى أن المخاطر لم تنتهِ وأن التصعيد ما زال قائماً، في رسالة مباشرة للرئيس ترامب.

لكنه في الوقت ذاته حاول مخاطبة رغبة ترامب في إنجاز ملف السلام، متحدثاً عن إمكانية السلام مع سورية ولبنان، مع اشتراط ضمان حقوق الأقليات وعلى رأسها الدروز.

هذا الطرح يفتح الباب أمام تنازلات إسرائيلية شكلية تُرضي الإدارة الأميركية، لكن مع الإبقاء على خيار التصعيد في جبهات أخرى قائماً.

كل ذلك يعني أن المنطقة، من الآن وحتى ذكرى السابع من أكتوبر المقبل، ستظل مفتوحة على تسريبات صفقات السلام لكن مفتوحة أكثر على احتمالات التصعيد، خصوصاً في ظل حاجة الحكومة الإسرائيلية لتحقيق أي شكل من أشكال الانتصار المعنوي قبيل الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر.

https://anbaaexpress.ma/ad1t6

عامر السبايلة

خبير استراتيجي من الأردن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى