يضع المغرب عاصمته الاقتصادية مدينة الدارالبيضاء على سكة التحول القوي حضارياً وصناعياً واقتصادياً
حيث أعطى الملك محمد السادس انطلاقة مشاريع سككية كبرى في الدار البيضاء بقيمة تناهز 20 مليار درهم
لم يكن الأمر مجرد تدشين تقني بل إعلان عن مرحلة جديدة في التحول الحضري والاقتصادي للمغرب
ضمن برنامج استثماري شامل يصل إلى 96 مليار درهم
هذه المشاريع تعكس رؤية تتجاوز النقل التقليدي نحو إعادة صياغة العلاقة بين المواطن والمدينة
وترسيخ موقع المملكة كقوة إقليمية في مجالات الصناعة والابتكار
الدار البيضاء بما تحمله من تناقضات عمرانية واقتصادية لم تعد تحتمل الحلول الترقيعية في قطاع التنقل
وهو ما يجعل من هذا البرنامج السككي نقلة نوعية تؤسس لشبكة متكاملة
تربط القطارات الفائقة السرعة بقطارات القرب والترامواي والحافلات في منظومة حضرية موحدة
إنشاء محطات رئيسية جديدة مثل محطة “الدار البيضاء-الجنوب” يعكس هذا التصور الشامل
الذي يجعل من البنية التحتية أداة لإعادة هندسة المجال الحضري وتحويل المحطات إلى أقطاب ديناميكية للأعمال والخدمات
غير أن أهمية هذه الأوراش لا تقف عند الجانب العمراني إذ إن الشراكة مع “هيونداي روتيم” لتزويد المغرب بـ48 قطاراً جديداً
ترتبط بخيار استراتيجي يقوم على توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا
بما يفتح الباب أمام خلق فرص عمل نوعية وبناء قاعدة إنتاج وطنية في مجال السكك الحديدية
ويعزز في الوقت ذاته السيادة الوطنية في قطاع استراتيجي
كما تحمل هذه المشاريع بعداً بيئياً ينسجم مع التوجهات الملكية نحو التحول الأخضر
إذ يساهم النقل السككي منخفض الكربون في تقليص الانبعاثات وتحسين جودة الحياة الحضرية
فيما يتوقع أن تنقل قطارات القرب أكثر من 150 ألف مسافر يومياً بحلول 2030
بما يجعلها جزءاً من التزام المغرب بأهداف المناخ العالمية
إلى جانب ذلك يكتسي المشروع أبعاداً سياسية واقتصادية واضحة
وفي سياق آخر ومتصل أشرف جلالة الملك على تدشين وزيارة عدد من المشاريع الكبرى المندرجة
في إطار إعادة هيكلة وتطوير المركب المينائي للدار البيضاء
والرامية إلى تعزيز الإشعاع الاقتصادي والسياحي للعاصمة الاقتصادية للمملكة
وتهدف هذه المشاريع إلى ترسيخ مكانة الدار البيضاء كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري منفتح بالكامل على محيطه الدولي
وتهم هذه المنجزات التي رصدت لها استثمارات بقيمة 5 مليارات درهم تهيئة ميناء للصيد
وبناء ورش جديد لإصلاح السفن وتطوير محطة خاصة بالرحلات البحرية
وتشييد مجمع إداري يضم مجموع المتدخلين في ميناء الدار البيضاء
إشراف الملك على إطلاق هذه المشاريع يبعث برسائل للمواطن بأن تحسين جودة الحياة أولوية ملكية
وللاقتصاد الوطني بأن الاستثمار يذهب نحو المستقبل لا الحلول المؤقتة
وللمستثمرين الدوليين بأن المغرب يوفر بيئة مستقرة ورؤية استراتيجية وبنية تحتية حديثة
