آراءثقافة
أخر الأخبار

قلب من السماء

أنا شخصياً لا أحب القصص القصيرة جداً التي تعرف بالكبسولات ومفردها “كبسولة” ولا استسيغها مطلقاً لأنَّها – بالنسبة لي على أقلَّ تقدير – لا تعبر عن حالة حياة أو حياة فكر أو حياة شعور أو عنِّي أنا، لكنها تعبر في ذات الوقت عن حالة ظرفية وقتية لحظية للكاتب نفسه وقليل من معجبيه، سواء كانت هذه الحالة اللحظية قديمة أو جديدة، سمعت من الكاتب والشاعر الكبير / يحي فضل الله، العام السابق هنا في القاهرة متحدثاً عن كتابته للقصة فقال: (أنا لا أعرف لماذا هذه التسمية، تسمية القصة بالقصيرة أو القصيرة جداً، لماذا لا تكون في كلتا الحالتين قصة فقط؟).

الكاتبة / فاطمة السنوسي، صاحبة المجموعة القصصية القصيرة جداً {قلب من السماء} الصادر عن دار الأجنحة للطباعة والنشر والتوزيع في طبعته الأولى سنة ٢٠٢٥ والواقع في 84 صفحة من القطع الصغيرة ويحتوي على ستين نصَّاً (60 نصَّاً) لا أكاد أفهم منه أي شيء، وعدم فهمي لتلك المجموعة لا يعبر بالضرورة عن سوئها لكن بالتأكيد يعبر عن جهلي وكراهتي أنا لما يعرف بالقصة “القصيرة جداً” أو الكبسولات أو الكبسولة، وكذلك لكل ذات الفكرة والسياق، واجتهدت للغاية في الفهم لكن أعياني جهلي في كل مرة، الكاتب السعودي / حسن البطران، له عدد ضخم من القصص القصيرة جداً ونال عليها الجوائز ذات العدد ولم يتحرك فهمي أكثر من العنوان بلاهة ويمكن أن تكون جيدة لكنها غير ممتعة ولا شيقة والله أعلم، اتخذت الدكتورة / لمياء شمت، مجموعة الأستاذة / فاطمة السنوسي، بالتحليل المكثف مستدلة في ذلك بما قدَّمته صاحبة المجموعة نفسها ولا أدري من سبق من بالتقديم لكنهما سيَّان عندي بإسماح عند شمت وإقلال عند السنوسي..

مما أعطى النصوص في تقديري أكثر من حجمها وغاياتها، وتذكرت وأنا أطالع مقدمتها، كتاب لأستاذي البروفيسور الراحل عبد القادر شيخ إدريس أبو هالة – الذي أجازني في الآداب – (الناصر قريب الله، حياته وشعره) وهو عبارة عن اطروحته للماجستير من جامعة الخرطوم وقدَّمها له الأستاذ البروفيسور / الحبر يوسف نور الدائم _ رحمهما الله رحمة واسعة _ تذكرته لما فيه من ايغال وايحاش للوصف الانشائي المكثف مما يخرج القارئ عن ربقة الموضوع الأساس، وذات الأمر، هنا، بعدت الدكتورة / لمياء شمت، عن جوهر فكرة النصوص حين أخذتها بالتحليل الفني والشرح المتكلف انابة عن الكاتبة السنوسي، لا أدري لماذا، وكأنَّها تريد اثبات إجادة السنوسي لكتابة القصة القصيرة جداً والله أعلم، لا أجلب التمر إلى هجر..

وبكل تأكيد للمجموعة روادها من كل الفئات العمرية القارئة لكنني لست منهم بلا شك فقط أنا قارئ عادي كما أرى، 12صفحة مقدمة شمت (13 – 24)، خذ مثالاً ص 29 قصة 5: [ في بلاد بعيدة، كان الركاب في مقطورة القطار، منهم من يحمل كتاباً مشغولاً بقراءته، ومنهم من يحمل جهازاً مستمتعاً بموسيقاه، وحدي أنا نشاز بينهم، كنت أحمل هم وطن يتمزق في البعيد ]، مكتوبة بأسلوب شعري، كل المجموعة هكذا، قلت: كيف عرفت الكاتبة أنَّ بعضاً ممن بالقطار (يحمل جهازاً مستمتعاً بموسيقاه) لماذا لا يكون منهم من يستمتع بتراتيل الإنجيل أو الإذاعة أو يلعب اللودو في إحدى التطبيقات الذكية أو خلافه، ولماذا هي فقط من يحمل هم الوطن بينما البقية لا يحملون ؟

كيف عرفت ذلك، ربما قائل يقول: هذه خيالات كاتب لا حقائق موضوعية تأخذها عليها، لكن دعني أرد على هذه الفرضية أو الاحتمال: هي حقائق حولت إلى نصوص من حيز الفكرة إلى حيز الكتابة في ميلاد جديد وقرينته الشعور ولا تخلو بطبيعة الحال من لغة الخيال أو أسلوب التخيل، نرجع لبداية الحديث عن فكرة كتابة القصة القصيرة جداً وهي الاقتضاب في القصد بالخروج عن ربقة الموضوع بالتلميح للمقدرة على ضغط الكلمات مراد اتساع المعاني لدى المتلقي حيث أشارت شمت توليداً لمقدمة السنوسي نفسها ص 7- 9، وهذا بعيد بالنسبة لي أقلَّاها، كنت أفضل علي الأقل ههنا أن تبرز الكاتبة ملكتها في الكتابة بالتطويل والشرح وخلافه لمرادها من الكتابة لكن كل وما يشتهي.

https://anbaaexpress.ma/n3wp9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى