الشأن الإسبانيمجتمع
أخر الأخبار

فضيحة فساد عابرة للحدود.. مسؤولون إسبان وشبكات جزائرية وصفقات وهمية

الأموال حوّلت عبر شركات وهمية في سويسرا وهولندا ودبي وجزر فيرجن البريطانية لتبييضها وإخفاء مصدرها حسب مصادر إعلامية إسبانية..

كشفت النيابة العامة الإسبانية بعد تحقيق استمر عشر سنوات تورط نائبين سابقين في حزب الشعبي الإسباني في شبكة فساد معقدة امتدت إلى الجزائر، حيث أبرما صفقات مشبوهة بقيمة 480 مليون يورو عبر عقود حكومية كبرى شملت مشروع محطة لتحلية المياه في تلمسان (250 مليون يورو) وتراموي ورڨلة (230 مليون يورو).

التحقيق الذي قادته النيابة الإسبانية بالتعاون مع هيئات دولية بيّن أن مكتب الاستشارات “فولتار لسن”، الذي أسسه بيدرو غوميث دي لا سرنا وغوستافو دي أريستغي، لعب دور الوسيط لتمكين شركات مثل “إليكنور” من الفوز بالعقود مقابل دفع عمولات لمسؤولين جزائريين كبار.

الأموال حوّلت عبر شركات وهمية في سويسرا وهولندا ودبي وجزر فيرجن البريطانية لتبييضها وإخفاء مصدرها حسب مصادر إعلامية إسبانية..

أسماء جزائرية بارزة ظهرت في الملف، بينها عبد العزيز ناتوري المدير العام السابق للطاقة، المتهم بشراء عقار في فرنسا، ورجل الأعمال عمار عوسي الذي استفاد من شقة فاخرة في إسبانيا، إضافة إلى مترجم في رئاسة الجمهورية ومدير مشروع التراموي بالجزائر، مع تحويلات مالية وعمولات قُدرت بمئات الآلاف من اليوروهات.

ورغم أن التحقيق الإسباني كشف تفاصيل دقيقة ووثائق تثبت مسارات الأموال، لم تُفتح أي متابعة قضائية داخل الجزائر، ما أثار جدلاً حول غياب الرقابة وضعف إرادة محاربة الفساد داخلياً..

ناشطون جزائريون اعتبروا القضية دليلاً على كيف تحولت مشاريع يفترض أن تخدم المواطن إلى آلية لنهب المال العام عبر شبكات دولية.

من جهة أخرى، لم يقتصر الملف على الأفراد، إذ وجهت اتهامات لعدد من الشركات الإسبانية والأجنبية بتهم الرشوة وتبييض الأموال والتلاعب في الصفقات، وطالبت النيابة بتسليط عقوبات مالية تتجاوز 50 مليون يورو بسبب غياب أنظمة رقابة داخلية تمنع الجريمة.

القضية التي انفجرت سنة 2015 ببلاغ من وسيط إسباني وأدت إلى استقالات سياسية ودبلوماسية، تكشف أن الجزائر كانت وجهة مثالية لشبكات الرشوة العابرة للحدود، حيث التقت مصالح رجال أعمال وسياسيين أوروبيين مع مسؤولين محليين حول صفقات كبرى انتهت إلى إثراء قلة وحرمان المواطن من خدمات حيوية.

هذه الفضيحة ليست مجرد ملف قضائي عابر، بل تعكس البنية العميقة للفساد الذي يتجاوز الحدود الوطنية ليصبح جزءاً من شبكة دولية تعيد إنتاج نفوذها عبر عقود البنية التحتية والخدمات العمومية..

كما أن غياب المتابعة داخل الجزائر يعكس هشاشة منظومة الرقابة الداخلية، ويطرح تساؤلات حول قدرة الدولة على مواجهة الفساد حين يتشابك مع مصالح دولية.

القضية تذكير بأن الفساد ليس شأناً محلياً فقط، بل أداة جيوسياسية تتحكم في مسارات التنمية والقرار السيادي.

https://anbaaexpress.ma/w7r77

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى