هند الصنعاني
ليست شريهان كبقية النجمات، فهي كوكب منفرد في سماء الفن، لا يشبهه ضوء ولا تضاهيه إشراقة، منذ اللحظة الأولى التي تطل فيها على الشاشة، يهبط على القلوب سحرها، فيتفتح الوجدان كزهرة تروت بنور حضورها، ضحكتها لحن طفولي يتراقص على أوتار الروح، ودلالها قصيدة كتبت بلغة لا يعرفها سوى العاشقون للفن الحقيقي.
تربعت على عرش الفوازير، لا كفنانة تؤدي دورا، بل كملكة نسجت مملكتها من الخيال والبهجة، فصارت أسطورة لا يزاحمها أحد، هي الذاكرة التي تسكن في وجدان جيل بأكمله، وهي الحلم الذي يوقظ فينا حنين الزمن الراقي.
كانت شريهان ترقص كفراشة أسطورية، تحمل على أجنحتها ألوان الفرح وأحلام المحبين، تتنقل بخفة بين الخيال والواقع، لتخطف القلوب وتترك أثرا لا يُمحى، إلى اليوم، رغم مرور الزمن، الملكة التي لم تتنازل عن عرشها، والسحر الذي لا يخبو بريقه.
لم تكن مسيرة شريهان مجرد خطوات على خشبة المسرح أوأدوار على الشاشة؛ بل كانت ملحمة فنية متكاملة، بدأت طفلة عاشقة للفن، تحمل طموحا أكبر من عمرها، ثم سرعان ما تحولت إلى نجمة لامعة جمعت بين التمثيل والرقص والغناء بخفة مدهشة، أعمالها المسرحية مثل “شارع محمد علي” و”سك على بناتك”، شكلت علامات فارقة في تاريخ المسرح العربي، وأكدت أن موهبتها ليست عابرة بل راسخة الجذور.
رغم التحديات القاسية التي واجهتها، من مرضٍ أرهق الجسد إلى حوادث قاسية كادت أن تخطف حلمها، عادت شريهان دوما أقوى وأكثر إشراقا، تحولت معاناتها إلى قصة إصرار وبقاء، فازدادت مكانتها في القلوب عمقا، وأصبحت رمزا للفنانة التي لا ينكسر نورها مهما عصفت بها الأيام، مسيرتها لم تُكتب بالحبر فقط، بل بالدمع والضحكة، بالعزيمة والانتصار، وبحب الناس الذي لم ولن ينقطع.