إقتصادتقاريرسياسة
أخر الأخبار

سبتة ومليلية بين شبح الإفلاس واستراتيجية المغرب الاقتصادية

هذا التحول يضع إسبانيا في معادلة حساسة: إما الانخراط في مفاوضات تضمن إطارا تجاريا قانونيا جديدا مع الرباط، أو مواجهة نزيف استثماري يحول سبتة ومليلية إلى مدن فاقدة للجاذبية الاقتصادية..

الأزمة التي تعيشها سبتة ومليلية اليوم ليست مجرد تراجع تجاري عابر، بل انعكاس مباشر لتحول استراتيجي في سياسات المغرب تجاه المدينتين المحتلتين، حيث لم يعد ينظر إليهما كمنصتين طبيعيتين للتبادل التجاري، بل كبوابتين استنزفتا لعقود الاقتصاد الوطني عبر التهريب المعيشي وتدفق السلع الأجنبية بلا ضوابط.

رجال الأعمال الإسبان وفق تقارير اعلامية إسبانية حملوا المغرب مسؤولية ما يعتبرونه “إخلالا بالقواعد الدولية”، بينما ترى الرباط أن هذه الإجراءات تدخل ضمن استراتيجية وطنية لحماية الاقتصاد المحلي من المنافسة غير المتكافئة ووقف نزيف “التهريب المعيشي”.

الأزمة لا تقف عند حدود الشركات، بل طالت المواطنين الذين فقدوا إمكانية نقل حتى المواد الاستهلاكية البسيطة، ما زاد من حالة التوتر الاجتماعي.

وبينما يضغط رجال الأعمال على مدريد لإيجاد تسوية عاجلة، يراهن المغرب على إعادة هيكلة العلاقة التجارية وفق منطق السيادة الاقتصادية، وهو ما قد يعيد رسم خريطة التوازنات بين المدينتين المحتلتين والجارة الجنوبية، ويجعل من سبتة ومليلية عنوانا لصراع صامت بين منطق حماية السوق الوطنية ورهانات الاستقرار الاقتصادي لإسبانيا

تشديد القيود على حركة البضائع ونظام المسافرين أعاد ترتيب المشهد، إذ وجد رجال الأعمال الإسبان أنفسهم أمام خسائر متصاعدة وإفلاسات متوالية، بينما ربح المغرب حماية تنافسية منتجاته المحلية وتقليص الضغط على اقتصاده الداخلي.

هذا التحول يضع إسبانيا في معادلة حساسة: إما الانخراط في مفاوضات تضمن إطارا تجاريا قانونيا جديدا مع الرباط، أو مواجهة نزيف استثماري يحول سبتة ومليلية إلى مدن فاقدة للجاذبية الاقتصادية.

من زاوية جيوسياسية، يتقاطع هذا الوضع مع تجارب أخرى لدول أعادت صياغة علاقتها بحدودها، مثل تركيا التي شددت قبضتها على معابرها مع سوريا لوقف النزيف الاقتصادي والأمني، أو الجزائر التي تفرض قيودا صارمة على التجارة الحدودية مع دول الساحل لحماية مواردها.

المغرب يسير في الاتجاه ذاته، معتمدا منطق “السيادة الاقتصادية” الذي يجمع بين حماية السوق الوطنية والتحكم في أوردة التجارة العابرة للحدود.

إسبانيا تدرك أن المدينتين باتتا ورقة ضغط بيد الرباط، فبينما تراهن مدريد على الخطاب الدبلوماسي والاتحاد الأوروبي لحماية مصالحها، يصر المغرب على أن زمن “الاستثناءات” انتهى وأن أي علاقة تجارية يجب أن تمر عبر قنوات رسمية واضحة.

هذا التباين يعكس صراعا صامتا بين منطقين.. منطق اقتصادي دفاعي مغربي يقوم على الاستقلالية وحماية السوق الداخلية، ومنطق إسباني براغماتي يسعى لتأمين بقاء المدينتين كمراكز حيوية، رغم إدراكه أن هامش المناورة يضيق يوما بعد يوم.

في النهاية، يضع ملف سبتة ومليلية الجميع أمام سؤال استراتيجي هل ستظل المدينتان امتدادا اقتصاديا لإسبانيا بمعزل عن المغرب، أم أن الواقع الجديد سيجبرهما على الاندماج تدريجيا في الفضاء الاقتصادي المغربي، ولو بشكل غير معلن؟

https://anbaaexpress.ma/cp184

تعليق واحد

  1. هذا الوضع في سبتة ومليلية يبدو كشوية أزمة صغيرة على الطاولة بين المغرب وإسبانيا، كأنه لعبة دبلوماسية بالبضائع! فالمغرب يلعب حماية السوق ككارو، بينما إسبانيا تبحث عن تسوية عاجلة كي لا يصبحا مدن فاقدة للجاذبية الاقتصادية. شبيه ببعض الألعاب التي يلعبها الأطفال، لكن هنا البطاقات أثقل وزناً. إما أن يتفق الطرفان على قواعد دولية جديدة وإعادة المنطق الاقتصادي، أو يواجهان نزيف استثماري كالنزيف عند جرح. كل طرف يراهن على خارجه، فالمغرب على السيادة، وإسبانيا على الحياة الاقتصادية. والجميع ينتظر رأي الاتحاد الأوروبي، كأنه السلطة العليا في هذه الحلبة!baseball bros unblocked

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى