سمير باكير
في يوم الجمعة الموافق 12 أيلول/سبتمبر، نشر موقع “ميدل إيست آي” التحليلي تقريرًا كشف فيه عن إحباط السلطات المصرية محاولة من قبل الكيان الصهيوني لاغتيال قادة حركة “حماس” داخل الأراضي المصرية.
وقد وجّهت القاهرة تحذيرًا شديد اللهجة، مؤكّدة أنّ أي اعتداء إسرائيلي يستهدف قادة الحركة في مصر سيُعد بمثابة إعلان حرب. وفي السياق نفسه، أثارت الضربة التي طالت الدوحة قلقًا إقليميًا واسعًا، وسط مخاوف من توسّع دائرة التصعيد.
أكّد مسؤولون مصريون رفيعو المستوى لموقع ميدل إيست آي أنّ القاهرة كشفت مخططات إسرائيلية تستهدف قادة حركة “حماس” في العاصمة المصرية، مشيرين إلى أنّ السلطات المصرية وجّهت تحذيرًا واضحًا لتل أبيب بأن أي هجوم من هذا النوع سيُواجَه برد حاسم.
وقال مصدر أمني بارز للموقع ذاته: “تشير التقارير الاستخباراتية إلى أنّ إسرائيل خطّطت منذ فترة لاغتيال قادة حماس في القاهرة، وقد أحبطت مصر إحدى هذه المحاولات بالفعل خلال مفاوضات وقف إطلاق النار التي جرت في المدينة خلال العامين الماضيين”.
وجاءت تصريحات المسؤولين المصريين رفيعي المستوى لموقع ميدل إيست آي ردًّا على تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن أنّ إسرائيل ستستهدف قادة حركة “حماس” حتى في دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية.
وشدّد المصدر الأمني قائلًا: “إن أي محاولة لاغتيال قادة حماس على الأراضي المصرية ستُعد من وجهة نظر القاهرة انتهاكًا للسيادة الوطنية، وبالتالي إعلان حرب من جانب إسرائيل، ولن نتردد في الرد عليها”.
ورغم أنّه لم يُعلن رسميًا عن إقامة قادة بارزين من حماس في مصر، أكّد المصدر في حديث خاص مع ميدل إيست آي أنّ عددًا منهم يعيشون في البلاد منذ سنوات، حتى قبل اندلاع الحرب الحالية في غزة، مشيرًا إلى أنّ هويتهم وعددهم ومواقعهم الدقيقة تبقى سرّية لدواعٍ أمنية.
وأوضح المصدر أنّ المسؤولين المصريين طالبوا نظراءهم الإسرائيليين بالعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بدلًا من دفع المنطقة نحو حروب لا تنتهي ومزيد من التوترات.
وأضاف: “العلاقات بين مصر وإسرائيل شهدت توترًا شديدًا في الأشهر الأخيرة بسبب غموض موقف تل أبيب حيال احتمالات التوصل إلى هدنة في غزة”.
يبدي المسؤولون المصريون قلقًا متزايدًا من محاولات تهدف إلى تحميل القاهرة مسؤولية مستقبل غزة، بما في ذلك احتمال تهجير الفلسطينيين إلى شمال سيناء.
وكان موقع ميدل إيست آي قد أفاد في 28 آب/أغسطس بأنّ مصر نشرت نحو 40 ألف جندي على الحدود مع القطاع، في خطوة تهدف إلى منع أي تدفق محتمل للفلسطينيين إلى داخل سيناء.
كما أشار التقرير إلى أنّ القاهرة جرى تهميشها في المفاوضات الفاشلة الخاصة بوقف إطلاق النار في غزة، وسط مخاوف من أن يؤدي أي هجوم إسرائيلي واسع على القطاع إلى اقتحام الحدود مع سيناء وحدوث فوضى غير مسبوقة.
يأتي الكشف عن مخطط الكيان الصهيوني لتنفيذ عمليات اغتيال داخل الأراضي المصرية، في خرق واضح لسيادة البلاد والقانون الدولي، في وقتٍ تُعدّ فيه مصر أوّل دولة عربية اعترفت بإسرائيل ومنحتها ثقتها.
وقال محلّل أمني بارز، فضّل عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، في حديث مع ميدل إيست آي إن التحذيرات المصرية ترتبط أساسًا بمكانة القاهرة الإقليمية أكثر مما تتعلق بحركة حماس نفسها.
وأضاف: “مصر لا تدافع عن حماس، بل تنظر إليها بريبة وتربطها بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. لكنّ القاهرة تعتبر نفسها الدولة العربية الأكثر استراتيجية، وأي هجوم إسرائيلي على أراضيها سيُعد إهانة مباشرة لها.
مثل هذا التصرف سيقوّض من مصداقيتها ويهدّد مكانتها الإقليمية التي تسعى للحفاظ عليها، خصوصًا في ظل تزايد نفوذ الدوحة في مفاوضات السلام خلال الأشهر الماضية.”
وأضاف المصدر: “لقد لعبت القاهرة تاريخيًا دورًا محوريًا في الوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركة حماس، غير أنّها في الأشهر الأخيرة جرى تهميشها تدريجيًا من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
ويزداد القلق داخل مصر من أنّ أي هجوم بري إسرائيلي على القطاع قد يجرّها إلى أتون الصراع. كما أنّ قدرة القاهرة على أداء دور الوسيط الموثوق في غزة ستنهار تمامًا إذا ما سُمح لإسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال بحرية داخل العاصمة المصرية.
فالنظام المصري استثمر كثيرًا في هذا الدور، وأي عملية من هذا النوع في القاهرة ستدمّر تلك الصورة، وتبعث برسالة إلى المنطقة مفادها أنّ مصر عاجزة حتى عن حماية ساحتها الخلفية”.