يتجه الاتحاد الأوروبي إلى تسجيل رقم غير مسبوق في ميزانية الدفاع، إذ يُرتقب أن يصل الإنفاق العسكري إلى 381 مليار يورو في عام 2025، بزيادة قدرها 10% عن العام الجاري، وفق ما كشفت عنه وكالة الدفاع الأوروبية.
هذه القفزة تعكس سباقاً أوروبياً محموماً نحو تعزيز القدرات العسكرية، مدفوعاً بضغط أمريكي مباشر من الرئيس دونالد ترامب، وهاجس أمني متزايد تجاه التهديد الروسي.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد، إن أوروبا “تنفق مبالغ قياسية على الدفاع لحماية مواطنيها، ولن تتوقف عند هذا الحد”، مؤكدةً أن الخطوة تأتي في سياق تحوّل استراتيجي يجعل الأمن أولوية قصوى بعد سنوات من التردد.
ووفق بيانات الوكالة، فإن نحو 130 مليار يورو من إجمالي المخصصات ستُوجَّه للاستثمارات في أنظمة تسليح متطورة، ما يعكس انتقال الاتحاد الأوروبي من مجرد تعزيز النفقات التشغيلية إلى تحديث شامل في العتاد العسكري.
هذه الطفرة المالية تزامنت مع إعلان المفوضية الأوروبية عن نجاح برنامج قروض دفاعية قيمته 150 مليار يورو، حصلت منه 19 دولة عضو على دعم مباشر لتسريع خطط التسلح.
ويُعرف البرنامج بـ”خطة سايف (SAFE)” التي تمنح الدول الأعضاء قروضاً منخفضة الفوائد بضمانة من الميزانية المشتركة للاتحاد، في خطوة وُصفت بأنها ولادة “سوق أوروبية مشتركة للسلاح”.
لكن السياق لا ينفصل عن المشهد الجيوسياسي المتوتر؛ فالتقارير الصادرة عن جيوش وأجهزة استخبارات غربية حذّرت من أن روسيا قد تكون قادرة على مهاجمة دولة عضو في الناتو خلال 3 إلى 5 سنوات إذا وضعت الحرب الأوكرانية أوزارها.
هذه التحذيرات سرّعت وتيرة القرارات الأوروبية، خصوصاً مع فوز ترامب الذي لطالما اتهم القارة بالعجز الأمني والاتكال على واشنطن.
في القمة الأخيرة للناتو، فرض ترامب معادلة جديدة تقوم على تخصيص 5% من الناتج الداخلي الإجمالي للأمن، بينها 3.5% للإنفاق الدفاعي المباشر، و1.5% للبنى التحتية والأمن السيبراني.
ويرى أندريه دينك، مدير وكالة الدفاع الأوروبية، أن بلوغ هذا السقف “سيتطلب مجهوداً غير مسبوق”، معتبراً أن ذلك يعني رفع الإنفاق إلى ما يفوق 630 مليار يورو سنوياً.
ووفق محللين ، يكشف أن أوروبا، التي لطالما اعتُبرت حديقة خلفية عسكرية لحلف الناتو، تتحرك الآن في اتجاه صياغة عقيدة دفاعية أوروبية مستقلة نسبيا حتى وإن بقيت تحت المظلة الأطلسية.
فارتفاع الأرقام لا يعبّر فقط عن خوف من روسيا، بل أيضاً عن محاولة لتقليص الفجوة مع الولايات المتحدة في مجال القدرات الاستراتيجية.
لكن التحدي الأكبر يبقى في ما إذا كانت هذه الزيادة الضخمة ستترجم إلى استقلالية عسكرية حقيقية، أم أنها مجرد استجابة ظرفية لضغوط ترامب ومخاوف موسكو.