حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

الأحزاب المغربية في قفص الاتهام: مذكرات نفس الوجوه.. ونفس الفشل

في الوقت الذي تُوزَّع فيه المقاعد الانتخابية على قاعدة الولاءات والزبونية، يعيش الآلاف من الشباب المغربي في صمت مرير معاناة البطالة والفقر والإقصاء

قدمت الأحزاب السياسية المغربية مذكراتها لوزارة الداخلية بخصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث تتضمن مقترحات تتعلق بمراجعة القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية المقررة في شتنبر 2026.

وللإشارة، جاءت هذه الخطوة استجابة لدعوة وزير الداخلية، بتوجيه ملكي مباشر في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2025، حيث شدّد جلالة الملك على ضرورة إعداد ترسانة قانونية جديدة للانتخابات قبل نهاية السنة الجارية، بما يعزز النزاهة ويعيد الثقة للمواطن في العملية السياسية ومؤسساتها.

لكن، عوض أن تكون هذه المذكرات الحزبية مناسبة لتجديد الرؤية السياسية وتقديم بدائل حقيقية، فضّلت العديد من الأحزاب إخفاء مضامينها عن الرأي العام، خشية النقد والمساءلة.

هذا السلوك يكشف عمق أزمة الثقة بين النخب والمجتمع، ويؤكد أن جزءاً مهماً من المشهد الحزبي ما زال أسير الريع والزبونية والمصالح الضيقة.

المؤشرات الحالية تنذر بأن الانتخابات المقبلة قد تكون من بين الأسوأ في تاريخ المغرب، ليس بسبب ضعف القوانين، بل نتيجة إعادة تدوير نفس الوجوه التي استهلكت رصيدها وفشلت في تقديم حلول ملموسة لقضايا المجتمع.

استمرار نفس الأسماء ونفس الممارسات يعني تكريس الإفلاس السياسي وتعطيل حق المواطنين – وخاصة الشباب – في التغيير والمشاركة الحقيقية.

خطاب العرش.. إنذار سياسي وحقوقي

خطاب العرش الأخير كان حاسماً عندما أكد جلالة الملك: “لا مكان اليوم ولا غداً لمغرب يسير بسرعتين”. مغرب يقوده جلالته بسرعة وجرأة في مسار التنمية والإصلاح، ومغرب آخر متعثر ترسخه بعض الممارسات الحزبية المبنية على الريع والفساد.

إنها رسالة قوية وواضحة: الإصلاح لم يعد خياراً، بل واجباً وطنياً وأخلاقياً، والمحاسبة لم تعد شعاراً شعبوياً، بل شرطاً دستورياً لقيام دولة الحق والقانون.

من الضروري التأكيد على أن لا ديمقراطية بدون محاسبة. فحق المجتمع في مراقبة منتخبيه ومساءلتهم جوهري، وغيابه يعني تكريس الإفلات من العقاب السياسي.

واستمرار نفس الأسماء في الواجهة رغم فشلها في التدبير العمومي يُعتبر ضرباً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه الدستور، وإجحافاً في حق المواطن الذي يطالب بخدمات أساسية وفرص عادلة.

وفي الوقت الذي تُوزَّع فيه المقاعد الانتخابية على قاعدة الولاءات والزبونية، يعيش الآلاف من الشباب المغربي في صمت مرير معاناة البطالة والفقر والإقصاء.

هذا الواقع يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم في تكافؤ الفرص والمشاركة في صنع القرار. فالمغرب الذي يطمح إلى الصعود الإقليمي لا يمكن أن يواصل مساره التنموي بنخب متقادمة تُقصي كفاءاته الحقيقية.

إن المستقبل يفرض على الأحزاب السياسية أن تقطع مع منطق الريع، وأن تفتح المجال أمام الكفاءات النزيهة والشابة.

فالإصلاح لا يمكن أن يتحقق بالشعارات أو بالمذكرات المغلقة، بل بتجديد النخب وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.

والسياسة في المغرب يجب أن تتحول إلى خدمة عمومية صادقة، لا وسيلة للاغتناء والوجاهة.

إن المغرب اليوم أمام منعطف تاريخي: إما أن تنخرط الأحزاب بجدية في مسار الإصلاح، أو تتحمل مسؤوليتها في تعميق العزوف وفقدان الثقة.

فبعد خطاب العرش الأخير، لم يعد هناك مجال للمراوغة، لا مكان اليوم ولا غداً لسياسيين بلا حصيلة، ولا مستقبل لديمقراطية بلا محاسبة.

https://anbaaexpress.ma/sht6i

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

تعليق واحد

  1. السلام عليكم
    وجب تطبيق خارطة و مضمون أهداف الخطاب السامي لأمير المؤمنين حفظه الله ورعاه بتدخل قوي من وزارة الداخلية و ظبط التوجهات المولوية بضربة من حديد لكل من تخول له نفسه او نرجيسيتها بالسير على هذا المنهاج السياسي الوصولي على ظهر شعب لازال يعاني من حكومات باعت ضميرها من أجل مصالحها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى