آراءثقافة
أخر الأخبار

اغتيال الذوق العام.. حين تغيب القيم يتوارى الجمال

منير الراجي

ما قيمة الحياة دون احترام الآخر، رغم اختلافنا معه. احترامه واجب أخلاقي، ليس القصد التوافق التام أو الانسجام الكامل، بل ذلك الحد الأدنى من الاحترام الذي يفترض أن يحكم أي علاقة إنسانية. احترام لا يلغي الاختلاف، بل يؤطره ويجعل منه فرصة للتكامل لا للتصادم.

للأسف، هذا الاحترام يتراجع يوما بعد يوم في مجتمعنا، حيث صرنا نمارس الإقصاء بدل الحوار، والتسفيه بدل النقاش، والاستعلاء بدل الفهم، ندهس على مشاعر الآخرين باسم “الحرية الشخصية”، ونخدش الذوق العام باسم الجرأة.

ذلك الذوق الذي تحكمه أخلاق وقيم إنسانية مشتركة تشكلت ونمت وتجاسرت عبر أزمنة لتكون صمام أمان لحياتنا العامة والخاصة، وتشربنا منها معنى الحب والإخلاص ومعنى الاعتراف والوفاء، ومعاني عديدة وقيم إنسانية.

نعيش اليوم في فضاء عام أصبح صاخبا ومشوشا، تغيب عنه الملامح الأصيلة، والمعاني الجميلة. دعنا نتوقف قليلا ونلقي نظرة سريعة على ما يُنتج اليوم من موسيقى وأعمال درامية وسينمائية تؤكد لنا أن هناك أزمة حقيقية في الذوق العام.

الموسيقى صارت أقرب إلى ضجيج بلا روح، غابت عنها الكلمة الراقية واللحن العميق، الكلمات أصبحت سطحية، معادة، بلا إحساس ولا رؤية.

نحتاج اليوم إلى إعادة بناء الذوق العام، ليس عبر قوانين تفرض، بل عبر وعي يبنى، وتربية تغرس في البيت والمدرسة والإعلام. نحتاج إلى أن نعيد الاعتبار للجمال، للكلمة، للفكرة، للفن الحقيقي، وللمعنى العميق للإنسانية.

قد لا نغير الواقع بجملة أو كتابة، ولكن لا بد أن نبدأ من مكان ما أن نرفع الصوت، أن نتمسك بما تبقى من جمال وقيم. فالذوق العام ليس ترفا، بل هو صمام أمان يضبط إيقاع حياتنا.

https://anbaaexpress.ma/uvv3t

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى