بعد أيام من الغياب المثير للجدل الذي رافقته عاصفة من الإشاعات والتكهنات، ظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أخيرًا مترئسًا اجتماعًا خُصص لقطاع النقل، في خطوة قرأها مراقبون على أنها رد غير مباشر على الضجة التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة.
وكانت أنباء إكسبريس قد نشرت في تقرير سابق بعنوان: “أنباء عن محاولة اغتيال تبون تربك الرأي العام الجزائري“، أنّ غياب الرئيس تزامن مع تداول مقاطع وفيديوهات على فيسبوك وتيك توك، تحدثت عن نقله سرًّا إلى ألمانيا إثر وعكة صحية خطيرة، فيما ذهبت روايات أخرى إلى حدّ الادعاء بمحاولة استهدافه جسديًا.
اللافت أن المصادر الأولى التي ضخّمت هذه الأخبار لم تكن سوى منصات وصفحات إعلامية مرتبطة بالنظام الجزائري نفسه، ما جعل الكثيرين يرجّحون فرضية الحرب الدعائية المفتعلة لصناعة البلبلة وإرباك الداخل.
ورغم أن بيان الرئاسة الأخير ركّز على قرارات تقنية تخصّ قطاع النقل، من بينها:
– الاستيراد الفوري لعشرة آلاف حافلة جديدة.
– سنّ تشريعات صارمة بشأن رخص السياقة وحوادث المرور.
– تحميل المسؤولية المدنية لجميع الأطراف المتدخلة في حوادث الطرقات.
– تشديد الرقابة الأمنية والدركية عبر التراب الوطني.
إلا أن ظهور تبون في هذا التوقيت لم يُقنع الكثيرين، بل زاد التساؤلات حول خلفيات الحملة الإعلامية الأخيرة، خصوصًا في ظل تضارب الروايات بين “النقل إلى ألمانيا للعلاج” و”محاولة الاغتيال”.

أزمة صحية أم حرب أجنحة؟
إلى حدود الساعة، لم تُقدّم الرئاسة الجزائرية أي رواية رسمية صريحة تنفي أو تؤكد ما جرى، وهو ما يجعل كل ما يُتداول أقرب إلى تكتيك دعائي يتغذى من السوشيال ميديا أكثر مما يعكس واقعًا ملموسًا.
وبين سيناريو “وعكة صحية استدعت نقلًا سريًا إلى ألمانيا” و”محاولة اغتيال غامضة”، يظل السؤال مطروحًا أمام الرأي العام الجزائري: هل يتعلق الأمر بأزمة صحية حقيقية داخل قصر المرادية، أم بحرب أجنحة وصراع دعائي يستعمل الشائعات كسلاح سياسي؟
خلاصة القول.. نظام مأزوم وعزلة متفاقمة
المؤكد أن هذه الفوضى الإعلامية تكشف هشاشة البنية السياسية للنظام الجزائري، الذي يجد نفسه محاصرًا داخليًا بأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، وخارجيًا بعزلة دبلوماسية غير مسبوقة.
وفي ظل غياب الشفافية واستمرار سياسة التضليل، يبدو أن السلطة في الجزائر تفضّل صناعة بطولات وهمية وترويج روايات عن “رئيس مستهدف” بدل مواجهة الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب.
وهكذا، يتحول سؤال غياب تبون وصراعات أجنحة النظام إلى مرآة تعكس مأزقًا أكبر: بلد يعيش أزمة حكم حقيقية، يحاول تغطيتها بالدعاية بدل الإصلاح.