وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونًا جديدًا يوسّع صلاحيات الرقابة والمراقبة على الإنترنت، مثيرًا موجة قلق حتى في أوساط مؤيديه. وابتداءً من الأول من سبتمبر المقبل، قد يتعرض المواطنون الروس لغرامات تتراوح بين 32 و54 يورو فقط لمجرد تصفح محتوى تعتبره السلطات “متطرفًا”، في خطوة يرى فيها المراقبون تمهيدًا لتضييق غير مسبوق على الحريات الرقمية.
مصدر القلق الأكبر وفق مراقبين، لا يكمن فقط في فحوى القانون، بل في غموضه فبينما يشير نصّه إلى جماعات إرهابية ومحتوى نازي، تضم قائمة وزارة العدل الروسية أكثر من 5500 مادة محظورة، منها مقاطع فيديو وصور ساخرة (ميمات).
كما يحظر القانون الترويج لاستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، وهي أدوات تُعدّ حيوية لتجاوز الرقابة الرقمية داخل روسيا.
تعكس تصنيفات سابقة مثل اعتبار منظمة المعارض الراحل أليكسي نافالني، وحركة المثليين “حركة متطرفة”، مدى التوسع التعسفي في مفهوم “التطرف”، وتحوله إلى سلاح سياسي.
وبالرغم من تأكيد السلطات أن على الشرطة إثبات نية المستخدم في البحث عن تلك المواد، فإن ضبابية الصياغة تترك مجالاً واسعًا لتطبيقات انتقائية وتعسفية.
إضافة إلى ذلك، زاد إدراج شركة “ميتا” المالكة لفيسبوك وواتساب وإنستغرام ضمن قائمة المنظمات المتطرفة من الالتباس العام. ما دفع وزير التنمية الرقمية الروسي إلى التوضيح بأن تصفح هذه المنصات لن يُعاقب “حتى إشعار آخر”، وهي عبارة تعكس حجم الغموض والقلق السائد.
القانون الجديد، الذي تعرض لانتقادات حتى داخل بنية النظام نفسه، يأتي في سياق تصاعدي لقمع الحريات وتقليص الفضاء العام في روسيا.
فبذريعة محاربة “التطرف”، يعزز الكرملين من قبضته على الفضاء الرقمي، ويعمق مناخ الرقابة الذاتية والخوف بين المستخدمين، الذين باتوا يتجنبون التطرق إلى مواضيع حساسة أو التعبير عن آراء مخالفة للسردية الرسمية.
في ظل هذا القانون، حسب مراقبين، يبدو مستقبل الإنترنت في روسيا أكثر قمعًا وغموضًا، في لحظة فارقة تتقلص فيها مساحة التعبير الحر وتتسع فيها أدوات السيطرة المعلوماتية.