الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

سموتريتش يكشف خريطة الضم.. مشروع تصفية القضية الفلسطينية بغطاء أمريكي “تحليل”

نائل مناصرة

لم تكن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الأخيرة مجرد مناورة سياسية أو تسريب انتخابي، بل جاءت بمثابة بيان رسمي يعلن ما كان الاحتلال ينفذه بصمت طوال العقود الماضية: الانتقال من “إدارة” الاحتلال إلى “شرعنته” وفرضه كأمر واقع نهائي، بلا مواربة أو خجل.

سموتريتش، الذي يعد أحد أكثر رموز اليمين الصهيوني تطرفًا، تحدث بثقة عن اقتراب “إحلال السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية”، في إشارة صريحة إلى الضم العلني والشامل.

هذا التصريح لا يترك مجالًا للالتباس: لا دولة فلسطينية، ولا حتى حكم ذاتي موسع، بل كانتونات محاصرة ومقطعة الأوصال، تحكمها المستوطنات وجيش الاحتلال.

الأخطر أن سموتريتش لم يكتفِ بإعلان النوايا، بل كشف صراحة أن كل ما يجري في الضفة الغربية يتم بتنسيق كامل مع بنيامين نتنياهو، وبدعم مباشر من الإدارة الأمريكية.

هنا تسقط ورقة التوت عن خطاب واشنطن المزدوج: تصريحات عن “حل الدولتين” أمام الإعلام، ودعم سياسي ولوجستي للضم على الأرض.

كما أكد الوزير المتطرف أن “مستقبلنا لا يرتبط بما يقوله الغرباء”، في رسالة تحدٍّ واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أن إسرائيل لم تعد ترى في أي ضغط دولي تهديدًا جديًا، ما دامت واشنطن توفر لها المظلة السياسية والحماية الدبلوماسية.

وربما كانت أخطر جملة قالها سموتريتش هي تلك التي ربطت بين “الحسم في غزة” و”إعادة الاستيطان فيها”. هذه العبارة تختصر المشروع الإسرائيلي بأكمله: لا فصل بين الضفة وغزة في مخطط الضم، بل إعادة احتلال واستيطان القطاع بعد تدمير بنيته المدنية والمقاومة فيه، لتكتمل عملية مصادرة الجغرافيا الفلسطينية الموحدة.

من وجهة نظر فلسطينية، هذه التصريحات تعني:

إسقاط أي أفق سياسي أو تفاوضي حتى على الورق.

تصعيد عمليات التهجير القسري خاصة في المناطق المصنفة “ج” والقدس والأغوار.

ترسيخ نظام الفصل العنصري بشكل معلن ورسمي.

الإعداد لحرب طويلة الأمد في غزة تحت شعار “إعادة الاستيطان”.

إن ما قاله سموتريتش ليس حدثًا عابرًا، بل إعلان حرب شاملة على الوجود الفلسطيني، بغطاء أمريكي وصمت دولي.

والرد الفلسطيني لا يمكن أن يقتصر على بيانات الرفض والشجب، بل يتطلب إعادة بناء الموقف الوطني الموحد، وتوحيد أدوات المقاومة السياسية والشعبية والإعلامية، واستثمار الزخم العالمي المتزايد الداعم للحق الفلسطيني.

فما كشفه سموتريتش لم يعد مؤامرة تُحاك في الغرف المغلقة، بل خطة معلنة تُنفذ على مرأى العالم… والعالم يكتفي بالمشاهدة.

* صحفي وكاتب من رام الله مهتم بالشأن الإنساني في غزة

https://anbaaexpress.ma/tyn2r

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى