حديث الساعةمغاربة العالم
أخر الأخبار

رحيم عبدو في حوار خاص مع أنباء إكسبريس: من أحياء البيضاء إلى بلاتوهات أوروبا وصُلب الدراما العربية

رحيم عبدو.. حين يلتقي الإبداع المغربي بالجسور الأوروبية

هذه المرة، حوار من نوعٍ آخر.. لأنه مع أحد رجالات السينما العربية الذين صنعوا لأنفسهم مسارًا متفردًا بين الشرق والغرب، بل لأنه أيضًا يحكي قصة شاب مغربي حمل معه جذور وطنه إلى بلجيكا، وصاغ بها أعمالًا درامية أثارت الجدل وحققت النجاح.

نلتقي مع المخرج والسيناريست عبد الرحيم حرشي، المعروف بـ”رحيم عبدو” الذي يتقاطع في أعماله الإبداع والتجديد، وتلتقي في شخصيته الروح المغربية الأصيلة مع الحرفية الأوروبية الرفيعة.

من بروكسل إلى بلاتوهات التصوير، ومن مقاعد المعهد العالي للسينما إلى عالم الإخراج والتأليف، يخطّ رحيم عبدو مساره الفني بخطى واثقة، كأحد الوجوه الصاعدة في عالم السينما والتلفزيون.

مخرج وسيناريست ومدرب تمثيل مغربي بلجيكي، يحمل في أعماله روحًا مغربية أصيلة ممزوجة بخبرات أوروبية راقية.

هو إبن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي استطاع أن يفرض اسمه في فضاء الإبداع، عبر مشاريع لافتة كمشاركته في كتابة مسلسلات وطن، مجنون سارة، اقتحام، وتفرّده بتأليف المسلسل الجريء القديسة سنة 2024.

في هذا الحوار الخاص، نقترب أكثر من رؤيته الفنية، وتجاربه المهنية، وكيف ينظر إلى قضايا مغاربة العالم وهويتهم المتجددة عبر الأجيال.

نلتقي اليوم مع أحد الوجوه الإبداعية الشابة التي تُمثّل نموذجًا لنجاح أبناء مغاربة العالم في المهجر.

إنه المخرج والسيناريست رحيم عبدو، ابن الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا، الذي برع في مجاله وفرض اسمه في فضاء الإنتاج الدرامي المعاصر.

بين جذور مغربية لا تتغير، وهوية أوروبية تشكّلت بالتجربة والانفتاح، يخطّ رحيم عبدو مسارًا مميزًا، حيث يدمج التقنيات الفنية الحديثة بروح القصص العربية الأصيلة.

نص الحوار:

1. بدايةً، كيف تقدم لنا نفسك خارج الألقاب المهنية؟ من هو رحيم عبدو الإنسان؟

أولًا شكرًا لكم على إجراء هذا الحوار مع موقعكم المحترم أنباء إكسبريس. أنا مواطن مغربي أعتز بمغربيتي حتى النخاع، وُلدت بمدينة الدار البيضاء بأحد أحياء المدينة القديمة، ونشأت على مبادئ ابن حيي، أمير شهداء المقاومة المغربية، الشهيد محمد الزرقطوني.

وأنا الآن أعتبر نفسي سفيرًا للإبداع المغربي، وأحد سفراء الدبلوماسية الموازية في أوروبا والشرق الأوسط، التي نادى بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعزه الله ونصره.

2. كيف أثرت نشأتك كمغربي في بلجيكا على اختياراتك الفنية، وعلى الهوية التي تعبّر عنها في أعمالك؟

الإنسان كما يُقال هو ابن بيئته، وعندما غادرت المغرب منذ ثلاثين سنة، كنت أحمل في داخلي موهبة وتجربة الفنان المغربي الشاب المتشبع بتراث وثقافة وأصالة بلده.

سافرت وأنا أحمل بداخلي كنزًا من كنوز تلك الحضارة العظيمة التي يتجاوز عمرها 13 قرنًا.

لذلك، عندما جئت إلى بلجيكا، كان من السهل عليّ أن أتأقلم مع هذا العالم الغربي، والذي اكتسبت من خلاله تجربة أكاديمية وتنظيمية أضافت الكثير إلى رصيدي المعرفي والإبداعي، وظهر ذلك جليًا في أعمالي، مما منحها طابعًا خاصًا يمزج بين عراقة المغرب وتطور العالم الغربي.

3. ما الذي جذبك إلى عالم السينما والإخراج تحديدًا؟ وهل كان الطريق سهلاً كما يبدو؟

في الحقيقة، البداية كانت مع المسرح، والذي درسته في المعهد البلدي بالدار البيضاء على يد الممثل والأستاذ المسرحي العظيم محمد سعيد عفيفي، رحمه الله.

كما كنت رئيس فرقة التمثيل المسرحي بإعدادية الوفاء، وأنا لم أتجاوز بعد سن الحادية عشرة، حيث كتبت وأخرجت أول مسرحية بعنوان أمنا الصحراء، وكانت خلال احتفالات عيد العرش المجيد. ومن هناك كانت الانطلاقة مع الفن عمومًا، موسيقى وسينما.

4. على ذكر الموسيقى، هل كانت لك أعمال إبداعية في هذا المجال؟

كانت انطلاقتي مع الغناء من معهد الدار البيضاء، حيث درست فن الغناء على يد الأستاذين العظيمين الزعيم وغزير. وكنت أحد تلامذة الفنان الكبير المرحوم إبراهيم العلمي، حتى إنني كنت أول من غنّى له أغانٍ جديدة لم يسمعها أحد قط.

وكتبت ولحّنت لفنانين مغاربة شباب، إلى أن كتبت ولحّنت ملحمة نداء الصحراء، التي شارك فيها أكثر من 20 فنانًا من مغاربة العالم، على رأسهم الفنان الدوزي، ليلى كوشي، حكيم، سعاد حسن، عصام حجي، صوت الريف الفنان أمزرين، نو كويست، رشيدة طلال وآخرون… فتُوِّج مجهودي برسالة مولوية خاصة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، فاقت كل توقعاتي وكانت دافعًا لي في كل ما جاء بعدها.

رسالة ملكية موجهة إلى الفنان عبد الرحيم حرشي، المعروف بـ”رحيم عبدو”

5. كيف تقيّم تجربتك في كتابة مسلسلات مثل “وطن”، “مجنون سارة”، و”اقتحام”؟ وما أبرز التحديات التي واجهتك خلالها؟

في البداية، أود أن أشير إلى أن كل الأعمال التي قمت بها كانت باشتراك مع صديقي وشريكي المخرج الكبير مهند أبو خمرة، وقد كانت من أنجح الأعمال في العراق والكويت والأردن وسوريا، وحققت أعلى نسب المشاهدات، حيث حطمت كل الأرقام القياسية.

وكان أكبر تحدٍّ بالنسبة لي ولصديقي مهند وحتى للنقاد والفنانين، هو: كيف لسينمائي مغربي بلجيكي أن يدير ويكتب في صلب قضايا المجتمع العراقي وباللهجة العراقية، ويساهم بكل إخلاص في تطوير الدراما العراقية؟

6. مسلسل “القديسة” أثار نقاشات واسعة. ما الرسائل التي أردت إيصالها من خلال هذا العمل؟

مسلسل القديسة، ورغم كونه عُرض على منصة 1001 المدفوعة، إلا أنه أحدث بالفعل ضجة وتفاعلًا كبيرين من النقاد، حيث تناولتُ من خلاله تلك الشعرة الرفيعة التي تفصل بين التصوف والشعوذة، وكيف أن هذا الأمر قد يختلط في أذهان الناس ويؤثر عليهم سلبًا.

وهنا أظنني أبرزت جانبًا من شخصيتي المتشبعة بالزوايا في المغرب، بلد الأولياء الصالحين وكراماتهم. وكان هذا الموضوع الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.

7. بصفتك أيضًا مدربًا في فن التمثيل، كيف ترى العلاقة بين المخرج والممثل؟ وهل تعتقد أن بإمكان المخرج أن يصنع نجمًا؟

في الحقيقة، ورغم أن المخرج يُعتبر هو العرّاب لأي عمل، إلا أن العلاقة بينه وبين الممثل هي علاقة تكامل وتفاعل، بحيث يُعدّ الممثل سببًا رئيسيًا في نجاح أي عمل أو فشله.

ويمكن للمخرج، إذا أحسن التعامل مع الإمكانيات والمواهب الكامنة داخل كل ممثل وساعده على إبرازها، أن يساهم بالفعل بشكل كبير في صُنع نجوميته.

8. بصفتك من أبناء الجالية المغربية في الخارج، ما الذي يمكن أن يقدمه مغاربة العالم للمشهد الثقافي والفني الوطني؟

الجالية المغربية تزخر بمواهب عبقرية جبارة، وثقافتها الممزوجة بين الشرق والغرب تجعل منها تجربة فريدة من نوعها. وقد لاحظنا نتائجها العظيمة في كرة القدم خلال مونديال 2022.

أما في مجال الفن، فاحتكاكها بكبرى المدارس الفنية العالمية يجعل منها إثراءً حضاريًا للمجال الثقافي والفني بالمغرب.

وإذا أُتيحت لها الفرصة، فقد تساعد في إبراز الأعمال المغربية وإيصالها للعالمية، وهذا ما يستحقه بلدنا المغرب، بعد كل ما وصل إليه من تقدم ونمو.

9. هل ترى أن هناك تقصيرًا من المؤسسات المغربية في دعم طاقات المهجر، خصوصًا في المجال الثقافي والفني؟

أنا أتفهم أن الأمر ليس بالسهولة التي يبدو عليها، كما أعلم أن للمغرب أولويات أخرى. فنحن في بلد، مع قلة موارده المالية، يحاول أن ينمو بشكل كبير، وقد نجح في ذلك بالفعل.

ولكن أود فقط أن أناشد المسؤولين، ودون انتقادات فارغة، أن ينظروا إلى الإمكانيات الإبداعية الكبيرة لدى فناني الجالية المغربية، وأن يمنحونا الفرصة لنساهم، عن طريق تجاربنا الغنية والعالمية، في النهوض بهذا القطاع، الذي يحتاجه المغرب فعلًا، خصوصًا وهو مُقبل على تنظيم تظاهرات رياضية عالمية يجب إبرازها سينمائيًا للعالم بالشكل الصحيح.

وربما يكون ذلك سلاحًا فتاكًا في وجه من يتربصون بنا في الجوار، وبالتأكيد مجرد إبراز إنجازاتنا الوطنية قد يجعلهم في حرج أمام شعوبهم المكذوب عليها.

10. هل هناك مشاريع مستقبلية تنوي تنفيذها في المغرب أو عن المغرب؟

بعد كل هذه التجارب التي عشتها خارج المغرب، بين أوروبا والشرق الأوسط، أتمنى أن تتاح لي الفرصة أخيرًا للمساهمة فعليًا في النهوض بهذا المجال الحيوي، خصوصًا أن لدي رؤية وطموحًا يتماشيان مع طموحات المسؤولين عن هذا القطاع.

لدي أعمال درامية ووثائقية وسينمائية، أطمح أن أُساهم من خلالها في ربط الجالية المغربية ببلدنا الأم، والرقي بأعمالنا لتُنافس نظيرتها العربية، ولِمَ لا العالمية. فالإنسان عندما يُكرَّم في بلده أفضل مليون مرة من أن يُكرَّم في العالم كله.

11. ختامًا، ما هي كلمتك الأخيرة التي توجهها إلى الشباب المغربي في الداخل والخارج، خصوصًا أولئك الذين يحلمون بمسار فني مشابه لمسارك؟

كلمة السر هي التشبث بالحلم والإيمان بالنجاح مهما كانت الصعوبات. المغرب بلدنا الحبيب، ويجب أن نتقبله كما هو، بعيدًا عن الانتقاد والتذمر والتنمر.

قد يتطلب الأمر بعض الوقت، ولكن النمو والتطور الذي وصله المغرب أكيد سينعكس يومًا ما على المجال الفني.

وفي انتظار ذلك، يجب على الجميع، داخل وخارج المغرب، الاجتهاد وتطوير الذات للوصول إلى مرحلة الإبداع، شكراً لكم جميعا.

أهم الأعمال السينمائية والدرامية للمخرج رحيم عبدو
https://anbaaexpress.ma/fpww7

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى